للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن السلف المضمون إلى أجل قد أحله الله وأذن فيه) وقرأ هذه الآية (١).

وأما السنة فقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من أسلف في شيء، ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» وفي لفظ: «فليسلف في كيل معلوم، إلى أجل معلوم» (٢).

ونُقل الإجماع على جوازه في الجملة (٣)، وهو بيعٌ عند الجمهور خلافًا لابن حزم (٤).

المطلب الثاني: حكم السلم الموازي (المتوازي).

صورة المسألة: أن يعقد صفقة سلم مع طرف، ويعقد صفقة سلم أخرى مع طرف ثالث، مع اتفاق المسلم فيه في العقدين، ويكون مسلِمًا في أحدهما ومسلَمًا إليه في العقد الآخر، ويضاف قيدٌ في صورة السلم الموازي الصحيح، فيقال: دون ربطٍ بينهما.

والطرف المشترك بين العقدين إما أن يسلم في العقد الثاني في عين السلعة التي كانت محل العقد الأول، وإما أن يسلم في مثلها، فهاتان صورتان:

الصورة الأولى: أن يعطي زيدٌ ١٠٠٠ ريال نقدًا لمزارع مقابل ٥٠ صاعًا من التمر بعد سنة، بالصفات والشروط اللازمة، فالمسلَم فيه هو التمر، ثم يسلم زيد في هذا التمر، بأن يبيعه على ثالث بـ ١١٠٠ ريال نقدًا على أن يسلمه له بعد سنة ونصف من تاريخ العقد الأول، فيكون زيد مسلمًا في العقد الأول ومسلمًا إليه في العقد الثاني، ومحل السلم واحد.

الصورة الثانية: أن يسلم المسلم إلى طرف ثالث في مثل المسلم فيه أولًا، وليس فيه بعينه، بمعنى أن يعقد زيد مع مزارع عقد سلم في تمر موصوف في الذمة، ويعقد مع طرف ثالث سلمًا في تمر موصوف في الذمة بمثل الأوصاف السابقة، فيكون زيد مسلمًا في العقد الأول ومسلمًا إليه في العقد الثاني، ومحل السلم متماثل الصفات، وقد يكون مسلمًا في الثاني مسلَمًا إليه في


(١) رواه البخاري تعليقًا، ولم يصرح بلفظه، كتاب السلم، باب السلم إلى أجل معلوم (٣/ ٨٦)، ووصله عبد الرزاق، كتاب البيوع، باب لا سلف إلا إلى أجل معلوم (٨/ ٥) (ح ١٤٠٦٤)، وابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، السلف في الطعام والتمر (١١/ ٤١٩) (ح ٢٢٧٥٨)، والبيهقي، كتاب البيوع، باب جواز السلف المضمون بالصفة (٦/ ١٨)، وصححه الحاكم والألباني. المستدرك ٢/ ٢٨٦، الإرواء ٥/ ٢١٣.
(٢) رواه البخاري، كتاب السلم، باب السلم في وزن معلوم (٣/ ٨٥) (ح ٢٢٤٠)، واللفظان له، ومسلم (٥/ ٥٥ - ٥٦) (ح ٤١١٩).
(٣) الإشراف ٦/ ١٠١، الاستذكار ١٦/ ٥٧٨، الإقناع في مسائل الإجماع ٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨، الذخيرة ٥/ ٢٢٤، مواهب الجليل ٦/ ٤٧٦، الفواكه الدواني ٢/ ١٥٢، نهاية المطلب ٦/ ٥، مغني المحتاج ٢/ ١٣٤، المغني ٦/ ٣٨٤، الروض المربع ٦/ ٣٠٦، ولا تصح نسبة مخالفة الإجماع لسعيد بن المسيب، كما في "تكملة المجموع" ١٣/ ١٨٦ - ١٨٧، ووردت عنه آثار تدل على عدم المخالفة في "مصنف ابن أبي شيبة" (ح ٢٠٣٨٧، ٢١٨٢١، ٢٢٧٤٩).
(٤) المبسوط ١٢/ ١٤٦، الفواكه الدواني ٢/ ١٥٢، حاشيتا قليوبي وعميرة ٢/ ٢٤٤، الشرح الكبير على المقنع ١٢/ ٢١٧، المحلى ٩/ ١٠٥.

<<  <   >  >>