للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وأما قولكم: إن المنع إجماع. فكيف يصح دعوى الإجماع مع مخالفة حبر الأمة ابن عباس وعالم المدينة مالك بن أنس؟ فثبت أنه لا نص في التحريم ولا إجماع ولا قياس) (١).

الدليل الثالث: أحاديث النهي عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن (٢)، وأحاديث النهي عن بيع المبيع قبل قبضه (٣).

وجه الدلالة منها: أن المسلَم فيه ثابت في ذمة المسلم إليه داخل في ضمانه، ولا يدخل في ضمان المسلم إلا بعد استيفائه، فلا يجوز أن يسلم فيه قبل ذلك، والسلم بيع، ولا أن يربح فيه؛ لأنه لم يضمنه.

المناقشة: أن النهي عن بيع المبيع قبل قبضه إنما هو في المعين أو المتعلق به حق توفية، أما ما في الذمة فالاعتياض عنه من جنس الاستيفاء (٤).

الجواب: هذا صحيح فيما لو كان بيع دين السلم على مَن هو عليه، أي على المسلَم إليه المدين، ولكن محل البحث في بيع دين السلم على غير مَن هو عليه، والجمهور يمنعون الأمرين.

الدليل الرابع: أن المشغول لا يُشغل (٥)، ومحل العقد مشغولٌ بالعقد الأول فلا يشغل بالثاني.

الدليل الخامس: نهيُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الغرر (٦)، وبيع دين السلم من بيع الغرر؛ لأنه غير مستقر، ذلك أن وجوده محتمل وليس متحققًا، والمدين -المسلم إليه- غير قادر على تسليمه قبل أجله، كما أنه ليس دينًا في ذمة الطرف الجديد فيكونَ مقبوضًا له حكمًا.

دليل القول الثاني: أن أحاديث النهي عن بيع ما لم يقبض خاص بالطعام، فدل على جواز ذلك فيما عداه.

المناقشة:

١. ورود أحاديث عامة في النهي عن بيع المبيع قبل قبضه، تشمل الطعام وغيره (٧).

٢. أن النهي عن ربح ما لم يضمن نهيٌ عامٌّ، فيشمل كلَّ مسلَم فيه من طعام وغيره.


(١) تهذيب السنن ٥/ ١١٧.
(٢) سبق تخريجها ص ٥٧.
(٣) سبق تخريجها ص ٣٦.
(٤) تهذيب السنن ٥/ ١١٤.
(٥) الأشباه والنظائر ١/ ٣٣٤.
(٦) سبق تخريجه ص ١٠٩.
(٧) سبق تخريجها ص ٤١ - ٤٣.

<<  <   >  >>