للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح

الراجح عدم جواز إسلام المسلم فيه.

سبب الترجيح: أن بيع المبيع قبل قبضه ممنوع على الراجح؛ لما عُلم من أدلة (١)، وما ذكره أصحاب القول الثالث ليس ببعيد، والترجيح في هذه المسألة ظني.

الفرع الثاني: الإسلام في مثل المسلَم فيه.

نصَّ الفقهاء على هذه المسألة صورةً وحكمًا، وأنها جائزة.

قال الشافعي في "الأم": (ومن أسلف في طعامٍ ثم باع ذلك الطعام بعينه قبل أن يقبضه لم يجز) كما في الصورة السابقة (وإن باع طعامًا بصفة ونوى أن يقضيه من ذلك الطعام فلا بأس؛ لأن له أن يقضيه من غيره ...) (٢)، وفي السلم الموازي المعقود عليه موصوف في الذمة، والمعقود عليه في السلم الآخر يشبهه في الصفة، فله أن يقضيه منه أو من غيره، كما قال الإمام.

وكذلك نصَّ الحنابلة على صورته، وهي أن يكون لرجل سلم وعليه سلم من جنسه (٣).

وإن كان المالكية يجيزون السلم في عين المسلم فيه ففي مثله أولى، وقد أشار بعضهم إلى نحو ذلك (٤).

وعامة المعاصرين على الجواز بشرط عدم الربط بين العقدين (٥)، وبمعرفة أوجه الربط يتبين أن هذا الشرط مشترط عند من أجازه من غير المعاصرين، وأوجه الربط بين عقدي السلم الموازي هي:

أولًا: أن يحيل الطرف المشترك بين عقدي السلم على دين السلم الأول، ومثاله: أن يحيلَ المسلمُ في العقد الأول -وهو المسلم إليه في العقد الثاني- الطرفَ الثالث -وهو المسلم في


(١) ص ٤١ - ٤٣، ومما يرجح به أيضًا أن السلم في المعين باطل عند الجمهور، جاء في المغني ٦/ ٤٠٦: (ولا يجوز أن يسلم في ثمرة بستان بعينه، ولا قرية صغيرة؛ لكونه لا يؤمن تلفه وانقطاعه. قال ابن المنذر: إبطال السلم إذا أسلم في ثمرة بستان بعينه كالإجماع من أهل العلم، وممن حفظنا عنه ذلك الثوري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وإسحاق) ونقل قول أبي إسحاق الجوزجاني: (أجمع الناس على كراهة هذا البيع) وعليه فقد يلحق مالك بالقول الأول في هذه المسألة من هذه الجهة، والله أعلم.
(٢) ٣/ ٧٢.
(٣) الشرح الكبير ١٢/ ٣٠٥ - ٣٠٨، كشاف القناع ٨/ ١٢٢ - ١٢٣، أما حكمه بهذه الصورة فلم يذكروه إنما ذكروا ما سيأتي بعد قليل في أوجه الربط بين عقدي السلم.
(٤) شرح الخرشي ٥/ ٢٢٧، والمراجع السابقة في قول المالكية.
(٥) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، السلم وتطبيقاته المعاصرة للدكتور نزيه حماد ع ٩، ج ١٤٩، ص ٦٠٣، قرارات الهيئة الشرعية بمصرف الراجحي ١/ ٧٩ - ٨٥، المعايير الشرعية المعيار الشرعي للسلم، البند ٦/ ١، ص ١٦٢،١٧٠.

<<  <   >  >>