للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زوجتي تطليقة، وأذنت لك أن توكل في ذلك من تشاء. وقد يكون الإذن عامًا كأن يقول للوكيل: وكلتك أن تراجع مطلقتي فاصنع ما شئت.

تحرير محل النزاع:

إذا أذن الموكل لوكيله في التوكيل إذنًا خاصًا صريحًا جاز له أن يوكل بالإجماع قال ابن المنذر: (وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوكيل إذا أراد أن يوكل به غيره، وقد جعل الموكل ذلك إليه في كتاب الوكالة أن له أن يوكل به غيره) (١).

وقال في"المغني": (لا نعلم في هذين خلافًا) (٢).

أما إذا أذن له إذنًا عامًا ففيه قولان:

القول الأول: جواز توكيل الوكيل، وهو مذهب الحنفية (٣)، والمالكية (٤) والحنابلة (٥) ووجه عند الشافعية (٦).

القول الثاني: عدم جواز توكيل الوكيل، وهو الوجه الأصح للشافعية (٧).

الأدلة:

دليل محل الاتفاق قوله - سبحانه وتعالى -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} النساء: (٢٩) والتجارة التي يقوم بها وكيل الوكيل قد رضي بها الموكل، وفيه تنبيه على جوازه في غير التجارة من التبرعات والولايات ونحوها، وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا يحل مال امراءٍ مسلم إلا بطيب نفس منه» (٨)، والإجماع المنقول في ذلك.


(١) الإشراف ٨/ ٢٨٦، وقوله: (في كتاب الوكالة) لا مفهوم له، والله أعلم.
(٢) ٧/ ٢٠٨، والمراد بهذين هذه المسألة والتي قبلها.
(٣) المبسوط ١٩/ ١٩٢ نص عليه القدوري في "مختصره" ٣/ ٣٥٨ مع اللباب، خلاصة الدلائل ١/ ٤٩٦.
(٤) إذا كان الوكيل مفوضًا إليه في جميع الأشياء-وكالة عامة- مواهب الجليل ٧/ ١٩٢، حاشية الدسوقي ٣/ ٣٨٨.
(٥) الكافي ٢/ ٢٣٩، المغني ٧/ ٢٠٨.
(٦) المهذب ١٥/ ٢٦٦.
(٧) البيان ٦/ ٤١٢ - ٤١٣، المهذب ١٥/ ٢٦٦.
(٨) رواه أحمد (٢٤/ ٢٣٩) (ح ١٥٤٨٨)، (٣٤/ ٢٩٩) (ح ٢٠٦٩٥)، (٣٤/ ٥٦٠) (ح ٢١٠٨٢)، والدارقطني، كتاب البيوع (٢/ ٦٠٥) (ح ٢٨٤٦ - ٢٨٥٠)، والبيهقي، كتاب الغصب، باب لا يملك أحد بالجناية شيئًا ... (٦/ ٩٧) وباب مَن غَصَب لوحًا فأدخله في سفينة أو بنى عليه جدارًا (٦/ ١٠٠) بهذا اللفظ من حديث حنيفة عم أبي حرة الرقاشي - رضي الله عنه -، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وفيه ضعف، وله شاهد عن جمع من الصحابة - رضي الله عنهم -، فقد قواه البيهقي بضم حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - إليه، كما في "مختصر الخلافيات" ٣/ ٤٢٠، وصححه ابن حبان (١٣/ ٣١٦ - ٣١٧) (ح ٥٩٧٨) من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه -، والحاكم (١/ ٩٣) من حديث ابن عباس، وجود إسناده من حديث عمرو بن يثربي - رضي الله عنه - في "نصب الراية" ٤/ ١٦٩، و"الدراية" ٢/ ٢٠١، وألفاظها مقاربة.

<<  <   >  >>