للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: لا يجوز إعارة المعار، وهو قول الشافعية (١) والحنابلة (٢) والكرخي من الحنفية (٣).

القول الرابع: للمستعير أن يعير إذا وَقَّت له المعير وقتًا وإلا فلا، وهو قولٌ للحنابلة (٤).

الأدلة:

دليل الجواز مع وجود الإذن: عموم الإجماع الذي نقله ابن المنذر: (وأجمعوا كذلك لا اختلاف بينهم أن له أن يستعمل الشيء المستعار في ما أذن له أن يستعمله فيه) (٥).

ودليل المنع مع وجود المنع من المعير: عموم أدلة حرمة مال غيره.

وأدلة محل النزاع هي:

دليل القول الأول: إذا صدرت الإعارة مطلقة مَلَكَ المستعير ولاية الإعارة بغير تفصيل، لما سيأتي من أدلة القول الثاني، فإذا صدرت مقيَّدة بأن ينتفع بها المستعير بنفسه فلا يملك المستعير ولاية الإعارة إلا في ما لا يختلف باختلاف المستعمل؛ رفعًا لمزيد الضرر عن المعير؛ لأنه رضي باستعماله لا باستعمال غيره (٦).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: عن أنس - رضي الله عنه - قال: لما قدم المهاجرون المدينةَ من مكة وليس بأيديهم -يعني شيئًا- وكانت الأنصار أهل الأرض والعقار فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمؤنة، وكانت أمه أم أنس أم سليم ... فكانت أعطت أم أنس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عذاقًا فأعطاهن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم أيمن مولاته أم أسامة بن زيد (٧).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعار العذاق وأعارها لأم أيمن - رضي الله عنها -، واستعارةُ ثمر النخيل تسمى عريّة، وهي في معناها، لذا قال في "الفتح": (وفي الحديث مشروعية هبة المنفعة دون الرقبة) (٨).


(١) الوسيط ٣/ ٣٦٧، نهاية المطلب ٧/ ١٤٤، المهذب ١٥/ ٤٤٧، حاشيتا قليوبي وعميرة ٣/ ١٨.
(٢) المغني ٧/ ٣٤٧، الإنصاف ١٥/ ٩٥، الروض المربع ٧/ ١٧٩ - ١٨٠، كشاف القناع ٩/ ٢١٨.
(٣) المبسوط ١١/ ١٤٣، تحفة الفقهاء ٣/ ٢٨٣.
(٤) الإنصاف ١٥/ ٩٧، تقرير القواعد ٢/ ٢٩١.
(٥) الأوسط ١١/ ٣٥٣.
(٦) نتائج الأفكار ٧/ ١٠٧، العناية على الهداية ٧/ ١٠٧.
(٧) رواه البخاري، كتاب الهبة، باب فضل المنيحة (٣/ ١٦٥) (ح ٢٦٣٠)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير (٥/ ١٦٢) (ح ٤٦٠٣).
(٨) ٩/ ٢١١.

<<  <   >  >>