للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول.

واسترجاع الإقطاع راجعٌ لاجتهاد الإمام، قال في "كشاف القناع": (ما لم يَعُد الإمام فيه، أي في إقطاعه؛ لأنه كما أن له اجتهادًا في الإقطاع له اجتهادٌ في استرجاعه) (١) وتصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة (٢)، فلا يجوز له أن يسترجعه بغير حق، قال في "حاشية ابن عابدين": (مطلب: ليس للإمام أن يخرج شيئًا من يد أحدٍ إلا بحق ثابت معروف) (٣)، ومنع الاسترجاع بعض المالكية، جاء في "التاج والإكليل": (ولا بن رشد ما نصه: ما اقتطع أمير المؤمنين من أموال المسلمين التي يجوز له بيعها بإقطاعه حكمٌ لا يجوز له الرجوع فيه في حياة المقطع ولا بعد وفاته، وهو مال من ماله بنفس الإقطاع، يورث عنه كسائر ماله، وهو قول ابن القاسم ...) (٤) وفي "مواهب الجليل": (الإقطاع حكم من أحكام الأئمة لا ينقض) (٥).

ومن أدلة الجواز-بالإضافة لما سيأتي ولما أشار إليه في "كشاف القناع"- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع أبيض بن حمال المازني - رضي الله عنه - ثم استرده لما تبين له رجحان مفسدة ذلك على مصلحته (٦).

وما رواه أبو عبيد عن أسماء - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضًا بخيبر فيها شجر ونخل. وهو حديث مسندٌ كما ذكر (٧)، وقال: (أما إقطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير أرضًا ذات نخل وشجر فإنا نراها الأرض التي أقطعها الأنصاري فأحياها وعمرها ثم تركها بطيب نفس منه فقطعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير، وهو مفسّر في حديث ابن سيرين ... ولا أعرف لإقطاعه أرضًا فيها نخل وشجر وجهًا غير هذا) (٨)، وحديث ابن سيرين هو: (أقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) ٩/ ٤٦١.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٢٧٨، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٠٤.
(٣) ٦/ ٢٨٥.
(٤) ٦/ ٤٠٠.
(٥) ٨/ ١٤٤، نقله عن القرافي.
(٦) الحديث رواه أبو داود، كتاب الخراج والفيء والإمارة، باب ما جاء في إقطاع الأرضين (٤/ ٦٧٠) (ح ٣٠٦٤)، والترمذي، أبواب الأحكام عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ما جاء في القطائع (٣/ ٥٦) (ح ١٣٨٠) وقال: (غريب)، وابن ماجه، الرهون، باب إقطاع الأنهار والعيون (٣/ ٥٣٠) (ح ٢٤٧٥)، ورواه النسائي في "الكبرى"، كتاب إحياء الموات، الإقطاع (٢/ ٨٨٥) (ح ٥٧٣٢ - ٥٧٣٦)، وأبو عبيد في "الأموال" ص ٣٢١ (ح ٦٨٦)، علته سُمي بن قيس عن شُمير بن عبد المدان اليماني، وهما مجهولان، ولكن له طرق أخرى عند النسائي والدارقطني، وقد ضعفه ابن القطان وصححه ابن حبان والضياء المقدسي وقواه ابن الملقن. صحيح ابن حبان (ح ٤٤٩٩)، سنن الدارقطني ٢/ ٦٨٣، بيان الوهم والإيهام ٥/ ٨٠ - ٨١، البدر المنير ٧/ ٧٥، التلخيص الحبير ٤/ ١٩٦١، سلسلة الأحاديث الضعيفة (١٠/ ١/٣٤٠) (ح ٤٧٩٩).
(٧) رواه في "الأموال" ص ٣١٩ (ح ٦٧٩)، وينظر ما سبق ص ٢٢٩.
(٨) الأموال ص ٣٢٣.

<<  <   >  >>