للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: جاء في "بدائع الصنائع": (الشيء لا يستتبع مثله) (١) وذلك في معرِض التعليل للمنع من مضاربة المضارب بغير إذن رب المال؛ لذا قال بعدها: (ولهذا لا يملك الوكيل التوكيل بمطلق العقد كذا هذا) وفي "الاختيار" أن الشريك ليس له أن يشارك؛ لأن الشيء لا يستتبع مثله (٢)، وفي "حاشية ابن عابدين" أنه لو اشترى بيتًا وفوقه آخر لم يدخل العلو ما لم ينص عليه؛ لأن الشيء لا يستتبع مثله (٣).

ومعنى القاعدة أن العقد المطلق المتضمن للتصرف كالمضاربة والوكالة والمقاولة ليس من مقتضاه إبرام مثل العقد مع آخَر بصفته طرفًا في العقد الأول، إذن لا بد من شرطٍ أو إذن يسوِّغ ذلك، وعليه فالقاعدة لا تؤيد الحكم الذي ذكره ابن عابدين، وهذا كما يظهر ليس شاملًا لكل العقود المضافة إلى مثلها، وإلا لما جاز منها شيء، فمنها ما يكسب مطلق التصرف، ومنها ما يشترط فيه إذن الطرف الآخر، وسيتضح أن المباح من هذه العقود أكثر من الممنوع.

وحجية القواعد الفقهية يرجع لكونها نصًّا بذاتها أو مستنبطة من عدة نصوص أو من فروع المذاهب الفقهية، ولا شك في حجية الأول والثاني متى صح المستند، أما النوع الثالث

–وهذه منها- فليس بلازم الحجية، والله أعلم.


(١) ٦/ ١٥٠.
(٢) ٣/ ١٧، ٤/ ٧١.
(٣) ٧/ ٤٤٤.

<<  <   >  >>