للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنها عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج في مالٍ لها إلى الشام تاجرًا فقبل -عليه الصلاة والسلام- (١).

- أن المضاربة كانت من عقود الجاهلية وبُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس يتعاملون بها ولم يرد دليلٌ على المنع منها، فكان إقرارًا منه - صلى الله عليه وسلم - (٢).

- ذكر بعضهم حديث عروة البارقي دليلًا على المضاربة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا يشتري به شاةً، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة فدعا له بالبركة في بيعه (٣).

ولكنه إلى تصرف الفضولي أقرب منه إلى المضاربة؛ لعدم وجود الإذن المسبق في العمل، فلم ينعقد بذلك عقد المضاربة.

على هذا يكون نفي أصحاب القول الأول محمولٌ على نفي دليلٍ ينص على المضاربة أو نفي سنةٍ صحيحةٍ بخصوصها، أما الآثار فقد استدل بها الجميع.

٣ - الآثار الموقوفة:

ما جاء عن عمر وابنيه - رضي الله عنهم -:

روى مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق فلما قفلا مرّا على أبي موسى الأشعري، وهو أمير البصرة، فرحب بهم وسهَّل، ثم قال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى، ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه فتبتاعان به متاعًا من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون الربح لكما. فقالا: وددنا. ففعل، وكتب إلى عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا فأُربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر قال: أكلَّ الجيش أسلفه مثلما أسلفكما؟ قالا: لا. فقال عمر بن الخطاب: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما، أدِّيا المال وربحه. فأما عبد الله فسكت وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو نقص المال أو هلك لضمِنَّاه. فقال عمر: أدِّياه. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجلٌ


(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١/ ١٢٩، وابن إسحاق (السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٢٢٤ - ٢٢٥) واللفظ له مختصرًا.
(٢) مراتب الإجماع ص ١٦٢، بدائع الصنائع ٥/ ١٠٩، بداية المجتهد ٣/ ٤٤٩، الفواكه الدواني ٢/ ١٨٩، المغني ٧/ ١٣٣، أحكام الشركات ص ١٧١.
(٣) رواه البخاري (ح ٣٦٤٢) تقدم تخريجه ص ٥١.

<<  <   >  >>