للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ لَا تُعْتَبَرُ خَلْوَتُهُ فِي إيجَابِ الْعِدَّةِ، وَحَيْثُ قَالَ: تَجِبُ الْعِدَّةُ أَرَادَ فِي مَجْبُوبٍ لَهُ مَاءٌ يَسْحَقُ فَيُنْزِلُ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَعْدَ مَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَلَا تَبْطُلُ تِلْكَ الْفُرْقَةُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ بِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ بِالسَّحْقِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُبْطِلٍ حَقَّهَا، بِخِلَافِ الْعِنِّينِ إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَدَّعِي الْوُصُولَ إلَيْهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَبْطُلُ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّا حِينَ حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ فَقَدْ حَكَمْنَا بِوُصُولِهِ إلَيْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بَعْدَ التَّفْرِيقِ عَلَى إقْرَارِهَا بِالْوُصُولِ إلَيْهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَطَلَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ عَرَفَ الْقَاضِي إقْرَارَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَنَّهُ كَانَ وَصَلَ إلَيْهَا، فَإِنَّ قَوْلَهَا فِي إبْطَالِ التَّفْرِيقِ وَرَفْعِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِكَوْنِهَا مُتَّهَمَةً فِي ذَلِكَ، وَالْخَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْعِنِّينِ؛ لِأَنَّ رَجَاءَ الْوُصُولِ فِي حَقِّهِ مَوْجُودٌ لِبَقَاءِ الْآلَةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ وَهِيَ تَعْلَمُ بِحَالِهِ، فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ لِأَنَّهَا صَارَتْ رَاضِيَةً بِهِ حِينَ أَقْدَمَتْ عَلَى الْعَقْدِ مَعَ عِلْمِهَا بِحَالِهِ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ قَالَتْ: رَضِيتُ سَقَطَ خِيَارُهَا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي قَوْلِهَا رَضِيتُ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِحَقِّهَا.

(قَالَ:) وَلَيْسَ يَكُونُ أَجَلُ الْعِنِّينِ إلَّا عِنْدَ قَاضِي مِصْرٍ أَوْ مَدِينَةٍ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَنْ هُوَ دُونَ هَؤُلَاءِ وَمُرَادُهُ بِهَذَا الْإِشَارَةُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ وَالْعِنِّينِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَهُوَ مِنْ جِهَتِهَا فَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، وَهَذَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَهُوَ لِمَعْنًى مِنْ الزَّوْجِ، فَلِهَذَا كَانَ طَلَاقًا وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الْمِصْرَ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ بِمَنْزِلَةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمِصْرِ.

(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَصَلَ إلَيْهَا ثُمَّ فَارَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا يُؤَجَّلُ كَمَا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِي غَيْرُ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْوُصُولُ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فِيمَا يُسْتَحَقُّ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي.

(قَالَ:) وَالْخُنْثَى إذَا كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ فَهُوَ رَجُلٌ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أُجِّلَ كَمَا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ؛ لِأَنَّ رَجَاءَ الْوُصُولِ قَائِمٌ، فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ النِّسَاءِ فَهُوَ امْرَأَةٌ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهَا ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَهُ، فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي يَدِهِ وَهُوَ نَظِيرُ الرَّتْقَاءِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

(قَالَ:) وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ وَالزَّوْجُ عِنِّينًا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُخَاصِمَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْجِمَاعِ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ فِيهَا، وَذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>