للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا فِي قُوَّةِ الْيَدِ يَسْتَوِيَانِ فَإِنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدُ نَفْسِهِ وَهِيَ يَدُ مِلْكٍ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَيَسْتَوِي إنْ وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ، أَوْ بَعْدَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ، أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَأُعْتِقَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَمَا عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ فَهُوَ لِلرَّجُلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَمَا أَحْدَثَا بَعْدَ الْعِتْقِ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فَهُوَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ يَدَهَا بِالْعِتْقِ تَتَقَوَّى فَتَسْتَوِي بِيَدِ الرَّجُلِ فِيمَا أَحْدَثَ بَعْدَ الْعِتْقِ

(قَالَ:) فَإِنْ كَانَ لَهُ نِسْوَةٌ فَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ، فَإِنْ كُنَّ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَمَتَاعُ النِّسْوَةِ بَيْنَهُنَّ سَوَاءٌ لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُنَّ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الْقُرْبُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ وَقُوَّةُ الْيَدِ بِسَبَبِهِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَمَا فِي بَيْتِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا عَلَى مَا وَصَفْنَا وَلَا يُشَارِكُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِيمَا فِي بَيْتِ ضَرَّتِهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ.

(قَالَ:) وَإِذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِمَتَاعٍ أَنَّ الرَّجُلَ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ سَبَبٌ مُوجِبٌ لِلْمِلْكِ وَقَدْ أَقَرَّتْ لَهُ بِمُبَاشَرَةِ هَذَا السَّبَبِ؛ وَلِأَنَّ مَا أَقَرَّتْ بِهِ كَالْمُعَايَنِ، وَلَوْ عَايَنَاهُ اشْتَرَى شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ مَمْلُوكًا لَهُ، فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّتْ هِيَ بِشِرَائِهِ.

(قَالَ:) وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لِلْمَرْأَةِ قَدْ كَانَ طَلَّقَك فِي حَيَاتِهِ ثَلَاثًا وَأَرَادُوا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا الْمُشْكِلَ لَمْ يُصَدَّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا التَّفْرِيعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالطَّلَاقِ فَفِي الْمُشْكِلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَإِذَا وَقَعَتْ بِالْمَوْتِ فَفِي الْمُشْكِلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَاقِي مِنْهُمَا، ثُمَّ هُنَا الْوَرَثَةُ يَدَّعُونَ طَلَاقًا لَمْ يَظْهَرْ سَبَبُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا مَنْعَ مِيرَاثِهَا بِهَذِهِ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بَعْدَ مَا تَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّهَا مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالطَّلَاقِ لَزِمَهَا فَإِذَا أَنْكَرَتْ حَلَفَتْ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْلَافَ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ، أَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَفِي الْمُشْكِلِ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً بِهَذَا الطَّلَاقِ وَلَوْ وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُشْكِلِ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الزَّوْجِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ وَرَثَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ لَا يَجْعَلُهَا أَجْنَبِيَّةً مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا.

أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ إذَا مَاتَ فَكَانَ هَذَا وَمَا لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>