للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ كَالْحُرِّ إذَا اشْتَرَى امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ حَيْضَتَانِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ تَزْوِيجَهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.

وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ هَذِهِ الْفُرْقَةُ فِي حَقِّهِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ مِنْهُ فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَاتَ عَاجِزًا فَلَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا مِنْ رَقَبَتِهَا وَإِنَّمَا كَانَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا مُنْتَهِيًا بِالْمَوْتِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَهِيَ أَمَةٌ لِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

[بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا طَلَّقَ لِغَيْرِ السُّنَّةِ لَا يَقَعُ]

(قَالَ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشِّيعَةِ عَلَى فَصْلَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَهُمْ لَا يَقَعُ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا جُمْلَةً يَقَعُ ثَلَاثًا عِنْدَنَا وَالزَّيْدِيَّةُ مِنْ الشِّيعَةِ يَقُولُونَ تَقَعُ وَاحِدَةً وَالْإِمَامِيَّةُ يَقُولُونَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَهُوَ افْتِرَاءٌ مِنْهُمْ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَدْ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ الثَّلَاثَ جُمْلَةً تَقَعُ بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَشُبْهَتُهُمْ فِيهِ أَنَّ الزَّوْجَ مَأْمُورٌ شَرْعًا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ لِلسُّنَّةِ وَالْمَأْمُورُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ لِلسُّنَّةِ وَهُوَ الْوَكِيلُ إذَا أَوْقَعَ لِغَيْرِ السُّنَّةِ لَا يَقَعُ فَكَذَلِكَ الْمَأْمُورُ شَرْعًا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ أَمْرَ الشَّرْعِ أَلْزَمُ وَلِأَنَّ نُفُوذَ تَصَرُّفِهِ بِالْإِذْنِ شَرْعًا وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَلَا يَكُونُ نَافِذًا كَطَلَاقِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ.

وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ حَرْفَانِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ النَّهْيَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى تَحَقُّقِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَمَّا لَا يَتَحَقَّقُ لَا يَكُونُ فَإِنَّ مُوجِبَ النَّهْيِ الِانْتِهَاءُ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ الْمَنْهِيُّ فِيهِ مُخْتَارًا حَتَّى يَسْتَحِقَّ الثَّوَابَ إذَا انْتَهَى وَيَسْتَوْجِبَ الْعِقَابَ إذَا أَقْدَمَ وَمَا لَمْ يَكُنْ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مُتَحَقِّقًا فِي نَفْسِهِ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مُخْتَارًا فِي الِانْتِهَاءِ وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ. (وَالثَّانِي) أَنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَعْدَمُ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَلَا يَمْنَعُ نُفُوذَهُ شَرْعًا كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْبَيْعِ عِنْدِ النِّدَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُنَا النَّهْيُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>