للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُحْدِثِ)

وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُعَادُ فِيهِمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُعَادُ فِيهِمَا وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَذَانَ ذِكْرٌ وَالْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ لَا يُمْنَعَانِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ حَاصِلٌ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأَذَانَ مُشَبَّهٌ بِالصَّلَاةِ وَلِهَذَا يَسْتَقْبِلُ فِيهِ الْقِبْلَةَ، وَالصَّلَاةُ مَعَ الْحَدَثِ لَا تَجُوزُ فَمَا هُوَ مِنْ أَسْبَابِهِ مُشَبَّهٌ بِهِ يُكْرَهُ مَعَهُ، ثُمَّ الْمُؤَذِّنُ يَدْعُو النَّاسَ إلَى التَّأَهُّبِ لِلصَّلَاةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَأَهِّبًا لَهَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤].

وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا رُبَّمَا أَذَّنَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ الْأَذَانُ ذِكْرٌ مُعَظَّمٌ فَيُقَاسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْمُحْدِثُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ فَكَذَلِكَ الْأَذَانُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ جَعْلُ الْإِقَامَةِ كَالْأَذَانِ فِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ مُحْدِثًا. وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: أَكْرَهُ الْإِقَامَةَ لِلْمُحْدِثِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ يَتَّصِلُ بِهَا إقَامَةُ الصَّلَاةِ فَلَا يُتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْحَدَثِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ

[الْأَذَانُ قَاعِدًا]

قَالَ (وَيُكْرَهُ الْأَذَانُ قَاعِدًا) لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا قَالَ: فَقَامَ الْمَلَكُ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعْلَامُ وَتَمَامُهُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَلَكِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَقْصُودِ حَاصِلٌ

قَالَ (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ وَيُقِيمَ آخَرُ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْأَذَانِ نَصِيبٌ فَأَمَرَ بِأَنْ يُؤَذِّنَ بِلَالٌ وَيُقِيمَ» هُوَ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذِكْرٌ مَقْصُودٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ آخَرُ

وَاَلَّذِي رُوِيَ «أَنَّ الْحَارِثَ الصُّدَائِيَّ أَذَّنَ فِي بَعْضِ الْأَسْفَارِ وَبِلَالٌ كَانَ غَائِبًا فَلَمَّا رَجَعَ بِلَالٌ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ أَخَا صُدَاءَ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» إنَّمَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ تَعْلِيمِ حُسْنِ الْعِشْرَةِ لَا أَنَّ خِلَافَ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ

قَالَ (وَإِنْ تَرَكَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ فِي أَذَانِهِ أَجْزَأَهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ حَصَلَ وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَالْكَرَاهِيَةُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ

[أَذَان الْمُسَافِر]

قَالَ (وَيُؤَذِّنُ الْمُسَافِرُ رَاكِبًا إنْ شَاءَ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا فِي السَّفَرِ رُبَّمَا أَذَّنَ رَاكِبًا وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأَذَانَ أَصْلًا فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ رَاكِبًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

قَالَ (وَيَنْزِلُ لِلْإِقَامَةِ أَحَبُّ إلَيَّ) لِأَنَّ الْإِقَامَةَ يَتَّصِلُ بِهَا إقَامَةُ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ فَيَنْزِلُ لِلْإِقَامَةِ لِهَذَا

قَالَ (وَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُسَافِرُ بِالْإِقَامَةِ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ السَّفَرَ عُذْرٌ مُسْقِطٌ لِشَطْرِ الصَّلَاةِ فَلَأَنْ يَكُونَ مُسْقِطًا لِأَحَدِ الْأَذَانَيْنِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِإِعْلَامِ النَّاسِ حَتَّى يَجْتَمِعُوا وَهُمْ فِي السَّفَرِ مُجْتَمِعُونَ وَالْإِقَامَةُ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَهُمْ إلَيْهَا مُحْتَاجُونَ فَيُؤْتَى بِهَا فِي السَّفَرِ

وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ لِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>