للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ كَانَ بَيْعًا لَهُ بِالْخَادِمِ، وَالِاسْتِحْقَاقُ يُبْطِلُ الْبَيْعَ فَيَرْجِعُ بِالْخَادِمِ وَالنِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ الْعَبْدِ جُعْلًا فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ.

(قَالَ): وَإِنْ خَلَعَهَا عَلَى أَنْ أَعْطَتْهُ دِرْهَمًا قَدْ نَظَرَ إلَيْهِ فِي يَدِهَا، فَإِذَا هُوَ زَيْفٌ، أَوْ سَتُّوقٌ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا جَيِّدًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ تَسْمِيَةِ الدَّرَاهِمِ يَتَنَاوَلُ الْجِيَادَ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الزَّيْفَ وَالسَّتُّوقَ وَيُطَالِبَهَا بِمَا اسْتَحَقَّ مِنْ الْعَقْدِ.

(قَالَ): وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فِي الْعَبْدِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ فِي الْخُلْعِ، وَالدَّرَاهِمُ تُرَدُّ بِعَيْبِ الزِّيَافَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا يَسِيرًا؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مَا تَعَلَّقَ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ بِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ فِي ذِمَّتِهَا حَتَّى إنَّ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ ذَلِكَ الدِّرْهَمَ وَتُعْطِيَهُ آخَرَ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهَا بِمَا اسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّهُ بِالرَّدِّ هُنَا يَسْتَفِيدُ شَيْئًا، وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالْجَيِّدِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ، فَلَا يَسْتَفِيدُ شَيْئًا بِرَدِّهِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَبَيْنَ عَيْنِهِ مَعَ الْعَيْبِ الْيَسِيرِ.

(قَالَ): وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى ثَوْبٍ فِي يَدِهَا أَصْفَرَ، فَقَالَتْ هُوَ هَرَوِيٌّ، فَإِذَا هُوَ مَصْبُوغٌ كَانَ لَهُ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ وَسَطٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ، فَالْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى، وَهُوَ مَعْدُومٌ، فَكَذَلِكَ بِالْخُلْعِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى، وَهُوَ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ، وَالْخُلْعُ عَلَى مِثْلِهِ صَحِيحٌ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ كَمَا فِي الصَّدَاقِ.

(قَالَ): وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمَرِيضُ امْرَأَةً مَرِيضَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهَا، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا، وَمَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاخْتَلَعَتْ بِهَا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُهَا، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، فَلِوَرَثَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا، وَلِوَرَثَةِ الزَّوْجِ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى أُصُولٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا، فَالزِّيَادَةُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ فِي الِاعْتِبَارِ مِنْ الثُّلُثِ، وَمِقْدَارُ صَدَاقِ مِثْلِهَا لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمَرِيضَةَ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالٍ يَكُونُ مُعْتَبَرًا مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا، وَالثَّالِثُ أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُسْقِطُ نِصْفَ الصَّدَاقِ عَنْ الزَّوْجِ شَرْعًا، ثُمَّ وَجْهُ تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِي مِقْدَارِ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَهُوَ الْمِائَةُ لَا وَصِيَّةَ مِنْ الزَّوْجِ لَهَا، وَقَدْ عَادَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُهُ إلَيْهِ بَقِيَ لَهَا خَمْسُونَ، وَقَدْ أَوْصَتْ بِذَلِكَ لِلزَّوْجِ حِينَ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِهِ، فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ ثُلُثُ ذَلِكَ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، فَيَكُونُ حَاصِلُ مَالِ الزَّوْجِ تِسْعَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ، وَقَدْ حَابَاهَا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ كَانَتْ تِسْعَمِائَةٍ، وَلَكِنْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَادَ إلَى الزَّوْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>