للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْبَابِ الصَّلَاةِ

قَالَ (وَإِنْ رَعَفَ فِيهَا أَوْ أَحْدَثَ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَهَا مِنْ أَوَّلِهَا) لِأَنَّ بِذَهَابِهِ انْقَطَعَ النَّظْمُ فَرُبَّمَا يُشْتَبَهُ عَلَى النَّاسِ أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ أَوْ يَتَعَلَّمُ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَالْأَوْلَى لَهُ إذَا أَحْدَثَ فِي أَذَانِهِ أَوْ إقَامَتِهِ أَنْ يُتِمَّهَا ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَذَانِ مَعَ الْحَدَثِ يَجُوزُ فَإِتْمَامُهُ أَوْلَى

قَالَ (وَإِذَا قَدَّمَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ أَوْ إقَامَتِهِ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ عَلَى بَعْضٍ فَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا سَبَقَ أَدَاؤُهُ يُعْتَدُّ بِهِ حَتَّى لَا يُعِيدَهُ فِي أَذَانِهِ) وَمَا يَقَعُ مُكَرَّرًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُكَرِّرْ

قَالَ (وَإِذَا وَقَعَ فِي إقَامَتِهِ فَمَاتَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ الْإِقَامَةَ غَيْرُهُ مِنْ أَوَّلِهَا) لِأَنَّ عَمَلَهُ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ وَلَا بِنَاءَ عَلَى الْمُنْقَطَعِ

قَالَ (مُؤَذِّنٌ أَذَّنَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنْ اعْتَدُّوا بِأَذَانِهِ وَأَمَرُوا مَنْ يُقِيمُ وَيُصَلِّي بِهِمْ أَجْزَأَهُمْ)؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الْإِعْلَامُ قَدْ حَصَلَ بِأَذَانِهِ وَبُطْلَانُ ثَوَابِ عَمَلِهِ بِالرِّدَّةِ فِي حَقِّهِ لَا يُبْطِلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ ارْتَدَّ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا تَبْطُلُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ

قَالَ (وَيَقْعُدُ الْمُؤَذِّنُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصِلَ الْإِقَامَةَ بِالْأَذَانِ وَلَا يَقْعُدَ بَيْنَهُمَا)

لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتِك قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ» وَالْأَوْلَى بِهِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي قَبْلَهَا تَطَوُّعٌ مَسْنُونٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ جَاءَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: ٣٣] أَنَّهُ الْمُؤَذِّنُ يَدْعُو النَّاسَ بِأَذَانِهِ وَيَتَطَوَّعُ بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَأَمَّا فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَيُكْرَهُ لَهُ وَصْلُ الْإِقَامَةِ بِالْأَذَانِ كَمَا فِي غَيْرِهَا وَالْأَفْضَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وَذَكَرَ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْأَفْضَلُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ مِقْدَارَ جِلْسَةِ الْخَطِيبِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَالْإِقَامَةِ بِجِلْسَةٍ وَلِأَنَّ السَّكْتَةَ تُشْبِهُ السَّكَتَاتِ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ فَلَا يَتَحَقَّقُ بِهَا الْفَصْلُ فَالْجِلْسَةُ لِلْفَصْلِ أَوْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أُمِرْنَا بِتَعْجِيلِ الْمَغْرِبِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ وَقَالَ بَادِرُوا بِالْمَغْرِبِ قَبْلَ اشْتِبَاكِ النُّجُومِ وَلَا تَتَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَالنُّجُومُ مُشْتَبِكَةٌ» وَالْفَصْلُ بِالسَّكْتَةِ أَقْرَبُ إلَى تَعْجِيلِ الْمَغْرِبِ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْعُذْرِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>