للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفَهُ ثُمَّ بَاعَ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِيَ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَمَّ حِينَ اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِيَ وَالْمَوْجُودُ فِي مِلْكِهِ هَذَا النِّصْفُ يَعْتِقُ، وَالْقِيَاسُ فِي الْمُعَيَّنِ، وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّهُ اُسْتُحْسِنَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَرْفَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالِاجْتِمَاعُ فِي الْمِلْكِ، وَصْفٌ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُعَيَّنِ (وَالثَّانِي) الْعَادَةُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَقُولُ مَا مَلَكْت قَطُّ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَيُرِيدُ بِذَلِكَ مُجْتَمِعًا لَا مُتَفَرِّقًا، وَفِي الْمُعَيَّنِ لَا يَقُولُ مَا مَلَكْت هَذِهِ الْمِائَةَ دِرْهَمٍ إذَا كَانَ مِلْكُهَا مُتَفَرِّقًا.

وَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ تَمَّ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَلَا مِلْكَ لَهُ فِي الْقَبْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ حِينَ اشْتَرَاهُ عَتَقَ، وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ فِي يَدِهِ حَتَّى يَنُوبَ، قَبَضَهُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَيَصِيرُ مُتَمَلِّكًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَيَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِذَا جَنَى الْمُسْتَسْعَى فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَمِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ فِيهِ بَاقٍ، وَهُوَ أَحَقُّ بِمَكَاسِبِهِ فَيَكُونُ كَالْمُكَاتَبِ فِي جِنَايَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْأُولَى حُكِمَ فِي الثَّانِيَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى بِالْقَضَاءِ تَحَوَّلَتْ إلَى كَسْبِهِ فَتَتَعَلَّقُ الثَّانِيَةُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكِمَ بِالْأُولَى تَحَاصَّا فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُمَا تَعَلَّقَا بِرَقَبَتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِاعْتِبَارِهِمَا إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبَيَانُ هَذِهِ الْفُصُولِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ.

وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهِ إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ كَجِنَايَتِهِ بِيَدِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ آخَرُ اشْتَرَكُوا فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ لِاسْتِنَادِ الْجِنَايَتَيْنِ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْحَفْرُ، وَلَا يَجِبُ بِالسَّبَبِ الْوَاحِدِ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ قَتِيلٌ سَعَى فِي قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي حِفْظِ دَارِهِ إلَيْهِ فَكَانَ حُكْمُ الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِيهَا كَحُكْمِ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ بِيَدِهِ، وَمَا أَفْسَدَ مِنْ الْأَمْوَالِ فَهُوَ عَلَيْهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا هُوَ حُرٌّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ.

وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ، وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ قِيمَةَ الْأُمِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِلسِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ بِإِعْتَاقِ الْجَنِينِ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُ، وَهُوَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُمِّ وَلَوْ اكْتَسَبَ سَبَبَ الْوَلَاءِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا سَقَطَ حَقُّهُ فِي تَضْمِينِ الشَّرِيكِ؛ وَلِأَنَّهُ مَنَعَ تَمْلِيكَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ الشَّرِيكِ بِالضَّمَانِ فَلِهَذَا صَارَ بِهِ مُخْتَارًا لِلسِّعَايَةِ، وَلَوْ أَعْتَقَا جَمِيعًا مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا الْأُمَّ، وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ بَعْدَ إعْتَاقِ الْجَنِينِ كَانَا يَتَمَكَّنَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>