للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُلْبِ الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، وَالْبَيْعُ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الْجَهَالَةِ يَبْطُلُ فَكَذَا الْكِتَابَةُ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ عَلَى وَصِيفٍ فَإِنَّ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَصِيفٍ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأَلْفِ إذَا قَسَمَ عَلَى مَهْرِ فُلَانَةَ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، ثُمَّ الْمَعْنَى أَنَّ تَعَيُّنَ صِفَةِ النَّبَطِيَّةِ فِي الْوَصِيفِ بِاعْتِبَارِ اسْتِحْقَاقِهِ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ إذَا سَمَّى الْوَصِيفُ بَدَلًا فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ هُنَا لَمَّا لَمْ يَصِرْ الْوَصِيفُ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ

(قَالَ) وَلَوْ ضَمِنَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ الْمُكَاتَبَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْقِنَّةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى مَا لَمْ تَعْتِقْ فَلَا يَكُونُ مَالُ الْكِتَابَةِ دَيْنًا مُتَقَرِّرًا عَلَيْهِ.

(قَالَ) وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ فَكَاتَبَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا جَازَتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهَذَا الْعَقْدِ وَهُوَ إخْرَاجُهَا مِنْ يَدِ الْكَافِرِ (فَإِنْ قِيلَ) الْبَدَلُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهَا يُقَدَّرُ بِالْقِيمَةِ شَرْعًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَّا فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ (قُلْنَا) هُنَا تَعَذَّرَ عَلَى الْمَوْلَى اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فِيهَا فَإِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِيمَ مِلْكُهُ فِيهَا فَعَرَفْنَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْإِزَالَةِ بِبَدَلٍ مُقَدَّرٍ لَمْ يَتَقَرَّرْ هُنَا بِخِلَافِ مُعْتَقِ الْبَعْضِ فَإِنْ عَجَزَتْ هُنَا رُدَّتْ فِي الرِّقِّ وَتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ إظْهَارَ الْعَجْزِ هُنَا مُفِيدٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَسْعَاةً فِي قِيمَتِهَا

(قَالَ) مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ أُمَّ وَلَدٍ ذِمِّيٍّ فَوَلَدَتْ لَهُ سَعَى الْوَلَدُ فِي قِيمَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى الذِّمِّيِّ فَيَجِبُ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالِاسْتِسْعَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَا دَامَ صَغِيرًا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ

(قَالَ) مُكَاتَبٌ ذِمِّيٌّ اشْتَرَى أَمَةً مُسْلِمَةً فَأَوْلَدَهَا كَانَتْ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَثَبَتَ لَهَا نَوْعُ حَقٍّ تَبَعًا لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَقِّ الْوَلَدِ فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بِالْأَدَاءِ تَمَّ مِلْكُهُ فِيهَا وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلذِّمِّيِّ فَتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَرُدَّ رَقِيقًا أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى بَيْعِهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ تَقَرَّرَ فِيهَا لِلْمَوْلَى فَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَكِنَّ الْمَوْلَى كَافِرٌ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ فَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا

(قَالَ) حَرْبِيٌّ خَرَجَ إلَى دَارِنَا مُسْتَأْمَنًا وَمَعَهُ أُمُّ وَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ تَبَعٌ لِحَقِّ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَمَا يَثْبُتُ فِي دَارِنَا فَكَذَلِكَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ مِنْ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَهَا وَكَمَا لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ ابْنِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَوْ أَسْلَمَتْ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَأْمَنِ مُحْتَرَمٌ كَمِلْكِ الذِّمِّيِّ فَيَتَعَذَّرُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهَا مَجَّانًا فَلِهَذَا سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>