للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا صَارَ الْمَجَازُ فِي مُرَادٍ تُنَحَّى الْحَقِيقَةُ.

وَهَذَا الْمَجَازُ مُسْتَعْمَلٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِي قَوْلِهِ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الشِّرَاءَ لِلْغَيْرِ لَيْسَ بِمَجَازٍ بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ كَالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى أَحْكَامِ الْعَقْدِ وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَسْتَدْعِي أَهْلِيَّةَ الْمُعْتِقِ وَالْمَحَلِّيَّةَ فِي الْمُعْتَقِ، ثُمَّ لَوْ انْعَدَمَتْ الْمَحَلِّيَّةُ لَمْ يَصِحَّ الْإِيجَابُ إلَّا مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ أَوْ سَبَبِهِ فَكَذَلِكَ إذَا انْعَدَمَتْ الْأَهْلِيَّةُ فِي الْحَالِ لَا يَصِحُّ الْإِيجَابُ إلَّا مُضَافًا إلَى حَالَةِ الْأَهْلِيَّةِ صَرِيحًا وَهُوَ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ إيجَابًا لِلْعِتْقِ.

(قَالَ) وَإِذَا قَالَ لِأَمَةِ الْغَيْرِ إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتِ مُدَبَّرَةٌ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَالْأُمُّ مُدَبَّرَةٌ دُونَ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ الْمُنَجَّزُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالتَّدْبِيرَ إنَّمَا يَصِلُ إلَيْهِمَا بَعْدَ الْمِلْكِ وَقَدْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا سِرَايَةَ إلَى الْمُنْفَصِلِ.

(قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ دَبِّرْ عَبْدِي فَأَعْتَقَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَكَانَ مُبْتَدِئًا لَا مُمْتَثِلًا

(قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ دَبِّرْ عَبْدِي إنْ شِئْت فَدَبَّرَهُ جَازَ وَهَذَا عَلَى الْمَجْلِسِ لِتَصْرِيحِهِ بِالْمَشِيئَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ.

(قَالَ) وَإِنْ جَعَلَ أَمْرَ عَبْدِهِ فِي التَّدْبِيرِ إلَى رَجُلَيْنِ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَهُمَا هَذَا التَّصَرُّفَ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ دَبِّرَا عَبْدِي هَذَا فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمَا مُعَبِّرَيْنِ عَنْهُ وَعِبَارَةُ الْوَاحِدِ وَعِبَارَةُ الْمَثْنَى سَوَاءٌ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْهَاهُمَا قَبْلَ أَنْ يُدَبِّرَاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ

(قَالَ) وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْمُدَبَّرَةُ فِي وَلَدِهَا فَقَالَ الْمَوْلَى: وَلَدْتِيهِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ، وَقَالَتْ هِيَ: وَلَدْتُهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي حَقَّ الْعِتْقِ لِوَلَدِهَا وَلَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ لِنَفْسِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى إذَا أَنْكَرَ فَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ لِوَلَدِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ إثْبَاتِ حَقِّ الْعِتْقِ لَهَا

(قَالَ) وَعِتْقُ الْمُدَبَّرِ مَحْسُوبٌ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ بَعْدَ الدَّيْنِ حَتَّى إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَعَلَى الْمُدَبَّرِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ رَقَبَتِهِ وَالْعِتْقُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ فَكَانَ الرَّدُّ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمَوْلَى وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ دَبَّرَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمَالِيَّةِ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ فَلِهَذَا اُعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ يَوْمَ يَمُوتُ.

(قَالَ) وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ قَدْ صَحَّ فِي حَالِ قِيَامِ عَقْلِهِ فَلَا يَبْطُلُ بِجُنُونِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ يَوْمَ أَدْخُلُ الدَّارَ فَعَبْدِي هَذَا مُدَبَّرٌ ثُمَّ جُنَّ فَدَخَلَ الدَّارَ فَهُوَ مُدَبَّرٌ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ صَحَّ مِنْهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>