للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَبْدُ الْكَافِرُ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَاهَدِ حَتَّى لَوْ عَتَقَ كَانَ مُعَاهَدًا لَا يُتْرَكُ لِيَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَرِثُهُ الْحَرْبِيُّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ لَوْ عَتَقَ فَهُوَ حَرْبِيٌّ عَلَى حَالِهِ فَيَرِثُهُ الْحَرْبِيُّ، فَإِنْ لَحِقَ الْحَرْبِيُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالْمُكَاتَبُ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ بَاقٍ فِيمَا خَلَّفَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ بَعَثَ بِمَا عَلَيْهِ إلَيْهِ عَتَقَ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَقُتِلَ الْحَرْبِيُّ أَوْ أُسِرَ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمَوْلَى وَلَا لِوَرَثَتِهِ حَقٌّ مَرْعِيٌّ بَعْدَ مَا قُتِلَ أَوْ أُسِرَ وَلَمْ يَخْلُفْهُ السَّابِي فِي مِلْكِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ وُرُودُ الْقَهْرِ عَلَيْهِ وَالْمِلْكُ لِلسَّابِي بِطَرِيقِ الْقَهْرِ وَلِأَنَّ يَدَ الْمُكَاتَبِ فِيمَا فِي ذِمَّتِهِ أَسْبَقُ فَيَمْلِكُ مَا فِي ذِمَّتِهِ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْمُكَاتَبَةُ فَلِهَذَا عَتَقَ، وَكَذَلِكَ إنْ أُسِرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى الدَّارِ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ بِالْأَسْرِ قَدْ تُبَدَّلُ وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِمِلْكِ الْمَالِ وَلَمْ يَخْلُفْهُ وَارِثُهُ فِي ذَلِكَ لِبَقَائِهِ حَيًّا فِي حَقِّ وَرَثَتِهِ فَأَمَّا إذَا قُتِلَ وَلَمْ يَظْهَرْ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَالْكِتَابَةُ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُؤَدِّيهِ إلَى وَرَثَةِ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَخْلُفُونَهُ فِيمَا كَانَ لِمَوْلَاهُ حِينَ لَمْ يَقَعْ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ وَكَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْأَمَانِ فِيمَا خَلَّفَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِحَقِّهِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ مُرَاعَاتُهُ لِحَقِّ وَرَثَتِهِ.

حَرْبِيٌّ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَسْلَمَا جَمِيعًا أَوْ صَارَ ذِمَّةً أَجَزْتُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَعْتَمِدُ التَّرَاضِيَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَكَمَا يَبْقَى بَيْعُهُمْ وَشِرَاؤُهُمْ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ فَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ، فَإِنْ خَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ وَالْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ عَلَى حَالِهِ فَخَاصَمَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَبْطَلْتهَا كَمَا أُبْطِلُ الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْهُمْ إذَا خَرَجُوا بِأَمَانٍ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ لَوْ قَهَرَ رَجُلًا فَأَسَرَهُ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا وَهُوَ فِي يَدَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَاهِرِ لِمَوْلَاهُ فِيمَا فِي ذِمَّتِهِ فَلِهَذَا بَطَلَتْ الْمُكَاتَبَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى قَاهِرًا حِينَ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَبْدُهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ ثُمَّ قَهَرَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ عَبْدًا لَهُ وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ خَرَجَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا عَتَقَ وَبَطَلَتْ عَنْهُ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ قَهَرَ لِمَوْلَاهُ حِينَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ عَبْدٌ مَلَكَ نَفْسَهُ حَتَّى يَعْتِقَ فَكَذَلِكَ إذَا فَعَلَهُ وَهُوَ مُكَاتَبٌ يَمْلِكُ مَا فِي ذِمَّتِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ وَيَكُونُ حُرًّا.

مُسْلِمٌ تَاجِرٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ كَانَ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ حَيْثُ لَا يَجْرِي حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ وَتَنْفِيذُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مُلْتَزِمٌ لِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ مُسْلِمٌ لَيْسَ بِمَحَلِّ الِاسْتِرْقَاقِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>