للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ؛ لِأَنَّهُ مَا عَيَّنَ عَبْدَهُ فِي كَلَامِهِ بَلْ رَدَّدَ الْكَلَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَبْدُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ فَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَلِأَنَّهُ لَمَّا ضَمَّ إلَيْهِ مَا لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْعِتْقُ صَارَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ كَأَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوَّلًا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَعْتِقْ بِدُونِ النِّيَّةِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى يَقُولُ وَصَفَ أَحَدَهُمَا بِالْحُرِّيَّةِ وَالْعَبْدُ مَحَلٌّ لِهَذَا الْوَصْفِ دُونَ الْأُسْطُوَانَةِ وَالْحِمَارِ فَيَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ وَيَلْغُوَا ضَمُّ الْأُسْطُوَانَةِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا لِلْحَيِّ وَلِأَنَّ كَلَامَهُ إيجَابٌ لِلْعِتْقِ فَيَتَعَيَّنُ لَهُ الْمَحَلُّ الَّذِي يَصْلُحُ بِإِيجَابِ الْعِتْقِ فِيهِ وَهُوَ الْحَيُّ دُونَ الْمَيِّتِ وَالْأُسْطُوَانَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ كَلَامَ الْعَاقِلِ مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ بِخِلَافِ عَبْدِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ مَحَلٌّ بِأَنْ يُوصَفَ بِالْعِتْقِ وَمَحَلُّ الْإِيجَابِ الْعِتْقُ أَيْضًا، وَلَكِنْ يَصِيرُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فَلِهَذَا لَا يَتَعَيَّنُ عَبْدُهُ هُنَاكَ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَأُسْطُوَانَةٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا حُرٌّ عَتَقَ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ إيجَابٌ لِلْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ بِإِيجَابٍ لِلْحُرِّيَّةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوَّلًا ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْأَصْلِ بَابًا مِنْ كِتَابِ الْوَلَاءِ، وَشَرْحُ ذَلِكَ يَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ. انْتَهَى شَرْحُ كِتَابِ الْعَتَاقِ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، أَمْلَاهُ الْمُسْتَقْبِلُ لِلْمِحَنِ بِالْإِعْتَاقِ الْمَحْصُورِ فِي طَرَفٍ مِنْ الْآفَاقِ حَامِدًا لِلْمُهَيْمِنِ الرَّزَّاقِ وَمُرْتَجِيًا إلَى لِقَائِهِ الْعَزِيزِ بِالْأَشْوَاقِ وَمُصَلِّيًا عَلَى حَبِيبِ الْخَلَّاقِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ خَيْرِ الصَّحْبِ وَالرِّفَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>