للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُعْتَقُ نَصِيبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَدَاءِ الْخَمْرِ وَإِذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَانَ الْمَقْبُوضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالْبَاقِي مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا الْخَمْرَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا سُمِّيَتْ قِيمَةً لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْعَيْنِ.

وَإِذَا مَاتَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَالْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُهُ وَقَدْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَعَلَيْهِ كَفَنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ هُوَ أَحَقَّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ حَضَرَ مَوْلَاهُ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ مَوْلَاهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ تَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لَهُ.

حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا وَكَاتَبَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ جَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَهُ فَإِنْ أَدْخَلَهُ مَعَهُ دَارَ الْحَرْبِ فَهُوَ حُرٌّ سَاعَةَ أَدْخَلَهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ عِنْدَهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَدْخَلَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَوْ أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَإِدْخَالُهُ إيَّاهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَذَلِكَ لَا يَبْقَى لَهُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ وَتَمَامُ بَيَانِ هَذَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ دَبَّرَهُ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ فِي قِيمَتِهِ أَوْ لَمْ يَقْضِ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ أَدْخَلَهَا دَارَ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ وَتَسْقُطُ السِّعَايَةُ عَنْهَا وَعَنْ الْمُدَبَّرِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا أَوْ الْأَمَةُ ذِمِّيَّةً؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَكَاتَبَهُمَا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بِأَحَدِهِمَا فَاَلَّذِي أَدْخَلَهُ مَعَهُ دَارَ الْحَرْبِ حُرٌّ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ قَصْدًا وَالْآخَرُ لَا يُعْتَقُ بِإِعْتَاقِ أَحَدِهِمَا قَصْدًا وَلَكِنَّهُ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ يَسْعَى فِي حِصَّتِهِ مِنْهَا فَإِنْ رَجَعَ الْحَرْبِيُّ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَدَّاهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَأَدَّاهَا إلَى الْقَاضِي عَتَقَ؛ لِأَنَّ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَرْبِيٌّ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْمَيِّتِ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ فِي قَبْضِ دُيُونِ الْمَيِّتِ فَلِهَذَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبِ بِأَدَاءِ الْبَدَلِ إلَى الْقَاضِي وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْحَرْبِيِّ إذَا جَاءَ أَخَذَهُ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْأَمَانِ لَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي خَلَفَهُ فِي دَارِنَا وَوَلَاءُ الْعَبْدِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُ حِينَ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ يَكُونُ لَهُ.

حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فِي دَارِنَا اشْتَرَى عَبْدًا فَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ عَتَقَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ حِينَ أَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ فَقَدْ سَقَطَتْ حُرْمَةُ مِلْكِهِ وَبَقِيَ الْعَبْدُ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَيَدُهُ مُحْتَرَمَةٌ فَيُعْتَقُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَهَرَ مَوْلَاهُ صَارَ هُوَ مَالِكًا وَالْمَوْلَى مَمْلُوكًا فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَوْلَى عَلَى نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>