للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا حَضَرَ رُبَّمَا يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ ضَيْفًا عِنْدَهُ، فَلِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الشُّبْهَةِ لَا يُسْتَوْفَى الْقَطْعُ وَكَاسِبُ الرِّبَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهُ بِخُصُومَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَكْسُوبِ، وَهُوَ مِلْكٌ مَعْصُومٌ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا، وَقَدْ بَيَّنَّا الْكَلَامَ فِي السَّارِقِ مِنْ السَّارِقِ

فَإِنْ كَانَ السَّارِقُ مِنْ الْمُودَعِ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ بِخُصُومَتِهِ، وَلَا بِخُصُومَةِ الْمَالِكِ، كَمَا لَوْ سَرَقَ مَالَ الْمُودَعِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِلْحَدِّ عَنْ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ الشُّبْهَةُ فِي الْحِرْزِ مِنْ حَيْثُ إنَّ بَعْضَهُمْ يَدْخُلُ عَلَى الْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ حِشْمَةٍ، وَلَا اسْتِئْذَانٍ، وَفِي هَذَا لَا يَفْتَرِقُ بَيْنَ أَنْ يَسْرِقَ مَالَهُ أَوْ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَدِيعَةً عِنْدَهُ

(قَالَ) وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ امْرَأَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ فِي مَنْزِلٍ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ فَتَعْمَلُ عَمَلَ حَقِيقَةِ النِّكَاحِ فِي إيرَاثِ الشُّبْهَةِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إذَا أَتَاهَا بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى عَلَيْهَا فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَصِيرُ السُّكْنَى كَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا حَقٌّ وَلَا عَلَاقَةٌ فَصَارَتْ فِي حَقِّهِ كَمَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَكَمَا يُقْطَعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا سَرَقَ مِنْهَا، فَكَذَلِكَ مِنْ أَبَوَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ دُخُولُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ عَادَةً، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِجَمِيعِ عَلَائِقِهِ

(قَالَ) وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ امْرَأَةٍ قَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ سَرِقَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَارِضَ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَدِّ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ كَالْمُقْتَرِنِ بِأَصْلِ السَّبَبِ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ قَائِمًا بَيْنَهُمَا وَقْتَ السَّرِقَةِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ لَمْ تُزَفَّ إلَيْهِ، فَكَذَلِكَ إذَا اعْتَرَضَ النِّكَاحُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ إذَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ خُصُومَتَهَا فِي حُكْمِ الْحَدِّ وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ، فَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ لَا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ عَيْنَهَا لَا تَمْنَعُ الْقَطْعَ بَلْ مَعْنَى الشُّبْهَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي زَوْجِيَّةٍ مُعْتَرَضَةٍ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ

(قَالَ) وَلَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي الْحِرْزِيَّةِ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَقْتَ السَّرِقَةِ فَلَمْ يَكُنْ أَصْلُ فِعْلِهِ مُوجِبًا لِلْقَطْعِ ثُمَّ لَا يَصِيرُ مُوجِبًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ مِنْ أُخْتِهِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ بَيْنَهُمَا سِوَى الْمَحْرَمِيَّةِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْمَحْرَمِيَّةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ بِسَبَبِ الْمُصَاهَرَةِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ أَوْ بِسَبَبِ الْمُصَاهَرَةِ الثَّابِتَةِ بِالزِّنَا أَوْ بِالتَّقْبِيلِ مِنْ شَهْوَةٍ لَا تُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ الْقَطْعِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: إذَا سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ عَادَةً بِخِلَافِ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا بَعِيدٌ، فَإِنَّ الْأُمِّيَّةَ مِنْ الرَّضَاعَةِ لَوْ كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِي إسْقَاطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>