للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَّتِي وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِقَوْلِهَا وَكَذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْت بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِي ثُمَّ طَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا بَأْسَ عَلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِحِلِّهَا لَهُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ: حَلَلْت لَك لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهَا لِاخْتِلَافٍ بَيْنَ النَّاسِ فِي حِلِّهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ مُطْلَقَ خَبَرِهَا بِالْحِلِّ حَتَّى تُفَسِّرَهُ

وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً صَغِيرَةً لَا تُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهَا فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ فَلَمَّا كَبِرَتْ لَقِيَهَا رَجُلٌ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَقَالَتْ: أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِذِي الْيَدِ فَإِنَّ الْيَدَ فِيمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْيَدِ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ فَإِخْبَارُهَا بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ لَا يَكُونُ حُجَّةً لَهُ وَهُوَ خَبَرٌ مُسْتَنْكَرٌ وَإِنْ قَالَتْ: كُنْت أَمَةً لَهُ فَأَعْتَقَنِي وَكَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ لَمْ أَرَ بَأْسًا بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِحِلِّهَا لَهُ بِسَبَبٍ مُحْتَمَلٍ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ خِلَافَهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ خَبَرَهَا وَكَذَلِكَ الْحُرَّةُ نَفْسُهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا ثُمَّ أَتَتْ غَيْرَهُ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ نِكَاحَهَا الْأَوَّلَ كَانَ فَاسِدًا وَأَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَنْبَغِ لِهَذَا أَنْ يُصَدِّقَهَا وَلَا يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِخَبَرٍ مُسْتَنْكَرٍ يَعْلَمُ هُوَ خِلَافَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَتْ: إنَّهُ طَلَّقَنِي بَعْدَ النِّكَاحِ أَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَسِعَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ خَبَرَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِحِلِّهَا لَهُ بِسَبَبٍ مُحْتَمَلٍ فَمَتَى أَقَرَّتْ بَعْدَ النِّكَاحِ أَنَّهُ كَانَ مُرْتَدًّا حِينَ تَزَوَّجَنِي أَوْ أَنِّي كُنْت أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ لَا يَعْتَمِدُ خَبَرَهَا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَعْلُومِ وَإِذَا أَخْبَرَتْ بِالْحُرْمَةِ بِسَبَبٍ عَارِضٍ بَعْدَ النِّكَاحِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ ثِقَةً مَأْمُونَةً أَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ إلَّا أَنَّ أَكْبَرَ رَأْيِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَفِيهِ شُبْهَةٌ فَإِنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ لِلْغَيْرِ فِيهَا لَا يَبْطُلُ بِخَبَرِهَا وَقِيَامُ الْمِلْكِ لِلْغَيْرِ يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا وَلَكِنَّ قِيَامَ الْمِلْكِ لِلْغَيْرِ فِي الْحَالِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ بَلْ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فَمَا عُرِفَ ثُبُوتُهُ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ أَقْوَى مِنْ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ فَأَمَّا صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي الِابْتِدَاءِ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لَهُ وَهُوَ الْعَقْدُ الَّذِي عَايَنَهُ فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ «بَرِيرَةَ أَنَّهَا أَتَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِهَدِيَّةٍ إلَيْهَا فَأَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهَا فَكَرِهَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنْ تَأْكُلَهُ حَتَّى تَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» فَقَدْ صَدَّقَ بَرِيرَةُ بِقَوْلِهَا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهَا وَصَدَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>