للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتِّلَاوَةِ فَكَانَ قَطْعًا فِي حَقِّهِ، وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لَيْسَ بِرُكْنٍ.

قَالَ: (وَإِذَا قَرَأَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَوْ لَا يُحْسِنُهُ لَمْ تُجْزِئْهُ)؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَيْسَ بِقُرْآنٍ، وَلَا تَسْبِيحٍ، وَمَعْنَى هَذَا أَنْ قَدْ ثَبَتَ لَنَا أَنَّهُمْ قَدْ حَرَّفُوا وَبَدَّلُوا فَلَعَلَّ مَا قَرَأَ مِمَّا حَرَّفُوا، وَهَذَا كَلَامُ النَّاسِ، وَلِأَنَّ النَّقْلَ الْمُتَوَاتِرَ الَّذِي لَا يَثْبُتُ كَلَامُ اللَّهِ إلَّا بِهِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيمَا هُوَ فِي أَيْدِيهِمْ الْآنَ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ فَلَا يَقْطَعُ الْقَوْلَ بِأَنَّ مَا قَرَأَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، فَلِهَذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَقِيلَ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَا قَرَأَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْقُرْآنِ تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ تَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَلْسِنَةِ، فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَالْعِبْرَانِيَّة فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ لِهَذَا.

قَالَ: (وَإِنْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَقْنُتْ)؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا، فَإِنَّ أَوَانَ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَمَا كَانَ سُنَّةً فِي مَحَلِّهِ يَكُونُ بِدْعَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَنَتَ لَكَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَالْفَرْضُ لَا يُنْتَقَضُ بِالسُّنَّةِ وَبِهِ فَارَقَ قِرَاءَةَ السُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ، وَإِذَا قَرَأَ السُّورَةَ كَانَ مُفْتَرِضًا فِيمَا يَقْرَأُ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الرُّكُوعُ

قَالَ: (وَإِذَا تَذَكَّرَ الْقُنُوتَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ) فِي إحْدَاهُمَا يَعُودُ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الرُّكُوعِ كَحَالَةِ الْقِيَامِ، وَلِهَذَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهَا كَانَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ، وَلِهَذَا يَعُودُ لِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ إذَا ذَكَرَهَا فِي الرُّكُوعِ فَكَذَلِكَ لِلْقُنُوتِ. وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَعُودُ لِلْقُنُوتِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ فَرْضٌ، وَلَا يُتْرَكُ الْفَرْضُ بَعْدَمَا اشْتَغَلَ بِهِ لِلْعَوْدِ إلَى السُّنَّةِ كَمَا لَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَسْقُطْ فَالرُّكُوعُ مَحَلٌّ لَهَا، حَتَّى إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ يَأْتِي بِهَا، فَلِهَذَا يَعُودُ لِأَجْلِهَا، فَأَمَّا الْقُنُوتُ فَقَدْ سَقَطَ بِالرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَهُ فَالْقُنُوتُ مُشَبَّهٌ بِالْقِرَاءَةِ، وَحَالَةُ الرُّكُوعِ لَيْسَ بِحَالَةِ الْقِرَاءَةِ، فَبَعْدَمَا سَقَطَ لَا يَعُودُ لِأَجْلِهِ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَادَ أَوْ لَمْ يَعُدْ قَنَتَ أَوْ لَمْ يَعُدْ يَقْنُتْ لِتَمَكُّنِ النُّقْصَانِ فِي صَلَاتِهِ لِسَهْوِهِ.

قَالَ: (وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَسَهَا فِيهِمَا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِسَهْوِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ)؛ لِأَنَّ الشَّفْعَ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى التَّحْرِيمَةِ الَّتِي تَمَكَّنَ فِيهَا السَّهْوُ فَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَدَاءِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>