للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَأْسَ بِأَكْلِهِ فِي الْقِيَاسِ)؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَهُ حَيًّا فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ إرْسَالِ الْكَلْبِ حَتَّى لَا يَحِلَّ إلَّا بِذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّمَا بَقِيَ الْمُعْتَبَرُ أَخْذُهُ وَذَبْحُهُ، وَقَدْ حَصَلَ فِي صَيْدِ الْحِلِّ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لَهُ هَذَا الصُّنْعُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ بِذَلِكَ الْإِرْسَالِ السَّابِقِ، وَقَدْ كَانَ حَرَامًا بِكَوْنِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ عِنْدَ ذَلِكَ.

قَالَ (ظَبْيٌ بَعْضُ قَوَائِمِهِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ رَمَاهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ لِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ)، وَهَذَا؛ لِأَنَّ قِوَامَ الصَّيْدِ بِقَوَائِمِهِ وَاعْتِبَارُ مَا فِي الْحَرَمِ مِنْ قَوَائِمِهِ يَجْعَلُهُ صَيْدَ الْحَرَمِ، وَهَذَا الْجَانِبُ يَتَرَجَّحُ؛ لِأَنَّهُ جَانِبُ الْحَظْرِ وَجَانِبُ الْحُرْمَةِ لِحَقِّ الشَّرْعِ، وَإِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ صَيْدُ الْحِلِّ فَإِنَّ قِوَامَ الصَّيْدِ بِقَوَائِمِهِ.

وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ قَائِمًا فَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ اسْتِمْسَاكَهُ عَلَى الْأَرْضِ فِي حَالِ نَوْمِهِ بِاعْتِبَارِ جَمِيعِ بَدَنِهِ. فَإِذَا كَانَ جَانِبٌ مِنْهُ فِي الْحَرَمِ فَهُوَ صَيْدُ الْحَرَمِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمَنَاسِكِ فِي الشَّجَرَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَوْضِعُ أَصْلِهَا لَا مَوْضِعُ أَغْصَانِهَا، وَفِي الصَّيْدِ الْوَاقِعِ عَلَى بَعْضِ أَغْصَانِهَا يُعْتَبَرُ مَوْضِعُ ذَلِكَ الْغُصْنِ؛ لِأَنَّ قِوَامَ الصَّيْدِ لَيْسَ بِغُصْنِ الشَّجَرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا يُمْسِكُهُنَّ إلَّا اللَّهَ} [النحل: ٧٩]. فَأَمَّا قِوَامُ غُصْنِ الشَّجَرَةِ فَبِأَصْلِهَا فَفِي حَقِّ ضَمَانِ الْمُحْصَنِ يُعْتَبَرُ مَوْضِعُ أَصْلِ الشَّجَرَةِ، وَفِي حَقِّ ضَمَانِ الصَّيْدِ يُعْتَبَرُ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الصَّيْدُ فَإِنْ كَانَ فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ فَهَذَا الصَّيْدُ صَيْدُ الْحَرَمِ.

قَالَ (وَإِنْ اشْتَرَكَ الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ فِي رَمْيِ الصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ)؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ فِعْلِ الْمُحْرِمِ مُحَرَّمٌ وَالْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ يَغْلِبُ عَلَى الْمُوجِبِ لِلْحِلِّ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ.

قَالَ (رَجُلٌ أَرْسَلَ بَازِيًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَتَبِعَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ فَقَتَلَهُ كَرِهْتُ أَكْلَهُ)؛ لِأَنَّ أَصْلَ السَّبَبِ إرْسَالُ الْبَازِي، وَقَدْ كَانَ مَحْظُورًا فَإِنْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَاعْتِبَارُهُ يُثْبِتُ الْكَرَاهَةَ.

قَالَ (حَلَالٌ أَخْرَجَ ظَبْيَةً مِنْ الْحَرَمِ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا، ثُمَّ ذَبَحَهَا وَأَوْلَادَهَا فَلَيْسَ أَكْلُهَا وَأَكْلُ أَوْلَادِهَا بِحَرَامٍ)؛ لِأَنَّ الْحِلَّ بِالذَّبْحِ، وَقَدْ حَصَلَ مِنْ حَلَالٍ فِي صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، وَلَكِنْ لَا يُعْجِبُنِي هَذَا الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُذِنَ فِي ذَلِكَ تَطَرَّقَ النَّاسُ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ الذَّبْحِ بِالْأَخْذِ السَّابِقِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الْأَخْذُ حَرَامًا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِيهَا، وَفِي أَوْلَادِهَا؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ وَالْإِعَادَةَ إلَى الْمَاءِ مِنْ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ فِيهَا، وَفِي أَوْلَادِهَا. فَإِذَا فَوَّتَ ذَلِكَ بِالذَّبْحِ كَانَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ جَزَاءَ الْأُمِّ لِإِتْلَافِهِ مَعْنَى الصَّيْدِيَّةِ فِيهَا بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي وَلَدِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَدَّى الْجَزَاءُ عَنْهَا، ثُمَّ ذَبَحَهَا فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِإِرْسَالِهَا وَإِعَادَتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>