للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَاقِدُ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبَقَاءُ الدَّيْنِ بِبَقَاءِ مَحِلِّهِ وَمَحِلُّ الدَّيْنِ إنَّمَا هُوَ الذِّمَّةُ فَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَاقِيًا بِبَقَاءِ الذِّمَّةِ وَلَكِنَّ تَأَخُّرَ تَسْلِيمِهِ إلَى أَوَانِ وُجُودِهِ وَفِيهِ يُعْتَبَرُ شَرْطُ الْعَقْدِ فَيَثْبُتُ لِلْعَاقِدِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَيَسْتَرِدَّ رَأْسَ الْمَالِ وَبَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَأْتِيَ أَوَانُهُ فَيَأْخُذَ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ هَلَاكَ الْعَيْنِ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُنَاكَ يَفُوتُ أَصْلًا وَكَذَلِكَ الْفُلُوسُ إذَا كَسَدَتْ فَإِنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا تَنَاوَلَ فُلُوسًا هِيَ ثَمَنٌ فَبَعْدَ الْكَسَادِ لَا يَبْقَى ثَمَنًا أَصْلًا يُوَضِّحُهُ أَنَّ مَا يَكْسُدُ مِنْ الْفُلُوسِ لَا يَرُوجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَا يُدْرَى مَتَى يَرُوجُ فَلَمْ يَكُنْ لِلْقُدْرَةِ فِيهِ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَانٌ مَعْلُومٌ فَلِهَذَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ هُنَا لِادِّرَاكِ الثِّمَارِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَانٍ مَعْلُومٍ فَيُخَيَّرُ رَبُّ السَّلَمِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَأَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ

قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي الرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ) لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْتَى عَلَى حُصُرٍ مُتَقَارِبَةٍ وَأَصْلُ هَذَا الْجِنْسِ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: (مَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ فَهُوَ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ لَا يَجُوزُ السَّلَمِ فِيهِ عَدَدًا) وَمَا لَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ وَإِنَّ مَا يَتَفَاوَتُ أَنْوَاعُهُ فَهُوَ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ عَدَدًا وَالرُّمَّانُ وَالْبِطِّيخُ تَتَفَاوَتُ فِي الْمَالِيَّةِ آحَادُهُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْمَالِيَّةِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبَيْضِ وَالْجَوْزِ عَدَدًا لِأَنَّ آحَادَهُ فِي الْمَالِيَّةِ لَا تَتَفَاوَتُ فَإِنَّكَ لَا تَرَى جَوْزَةً بِفَلْسٍ وَجَوْزَةً بِفَلْسَيْنِ وَإِنَّمَا تَتَفَاوَتُ أَنْوَاعُهُ فِي الْمَالِيَّةِ وَذَلِكَ التَّفَاوُتُ يَزُولُ بِذِكْرِ الْعَدِّ فِي الْعَدَدِيَّاتِ كَالْقَدْرِ فِي الْمَقْدُورَاتِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي بَيْضِ النَّعَامِ لِأَنَّهُ تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْمَالِيَّةِ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبَيْضِ وَالْجَوْزِ عَدَدًا لِأَنَّ فِيهِ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَتَجْرِي فِيهِ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبَيْضِ وَزْنًا وَفِي الْجَوْزِ كَيْلًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بِمِكْيَالٍ مَعْرُوفٍ لَهُ وَنَحْنُ نُجَوِّزُ السَّلَمَ فِيهِ كَيْلًا أَيْضًا لِأَنَّهُ يُكَالُ تَارَةً وَيُعَدُّ أُخْرَى فَتَنْقَطِعُ فِيهِ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا بِذِكْرِ الْكَيْلِ كَمَا يَنْقَطِعُ بِذِكْرِ الْعَدَدِ

قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْفُلُوسِ عَدَدًا لِأَنَّهُ عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ أَوْ هِيَ أَمْثَالٌ مُتَسَاوِيَةٌ قَطْعًا مَا دَامَتْ مُتَسَاوِيَةً قَطْعًا مَا دَامَتْ مُتَسَاوِيَةً رَائِجَةً لِسُقُوطِ قِيمَةِ الْجَوْدَةِ مِنْهَا بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ) وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ الْخَوَازِمُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْفُلُوسِ لِأَنَّهَا ثَمَنٌ مَا دَامَتْ رَائِجَةً وَالْمُسْلَمُ فِيهِ مَبِيعٌ فَمَا ثَمَنٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْلَمًا فِيهِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَبَعْدَ الْكَسَادِ هِيَ قِطَعٌ صِغَارٌ مَوْزُونَةٌ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا عَدَدًا وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>