للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الزُّبْدُ مَعَ السَّمْنِ وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ الْمَطْبُوخُ مَعَ غَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَالدُّهْنُ الْمُرَبَّى بِالْبَنَفْسَجِ مَعَ غَيْرِ الْمُرَبَّى يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلٍ مِنْ الْمَطْبُوخِ وَالْمُرَبَّى بِرِطْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَغَيْرِ الْمُرَبَّى لِأَنَّ تِلْكَ الرَّائِجَةَ بِمَنْزِلَةِ زِيَادَةٍ فِي عَيْنِهَا فَكَأَنَّهُ بَاعَ رِطْلًا مِنْ زَيْتٍ وَبَقْلِهِ بِرِطْلَيْنِ مِنْ زَيْتٍ فَيَكُونُ الْمِثْلُ بِالْمِثْلِ وَالْبَاقِي بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: هَذَا إذَا كَانَ الْمَطْبُوخُ يُنْتَقَصُ إذَا ذَهَبَتْ تِلْكَ الرَّائِجَةُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَقَصُ فَقَدْ عَرَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِزِيَادَةٍ فِي الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ إلَّا رِطْلًا بِرِطْلٍ بِخِلَافِ الْمُرَبَّى بِالْبَنَفْسَجِ مَعَ الْمُرَبَّى بِالْيَاسَمِينِ فَهُنَاكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَصِيرُ مِثْلَ صَاحِبِهِ بِحَالٍ وَهُنَا غَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْ الزَّيْتِ يُطْبَخُ فَيَكُونُ مِثْلَ الْمَطْبُوخِ فَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ

وَعَلَى هَذَا الْأَلْبَانُ فَإِنَّهَا أَجْنَاسٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْكُلُّ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَبَنُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِاتِّفَاقِ الِاسْمِ وَالْهَيْئَةِ وَتَقَارُبِ الْمَقْصُودِ وَلَكِنَّا نَقُولُ أُصُولُهَا أَجْنَاسٌ وَاللَّبَنُ يَتَوَلَّدُ مِنْ الْعَيْنِ كَالْوَلَدِ فَكَانَ اخْتِلَافُ جِنْسِ الْأَصْلِ دَلِيلًا عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَلَا تَقَارُبَ فِي الْمَقْصُودِ أَيْضًا فَإِنَّ مَقْصُودَ الْمَسْلَى يَحْصُلُ بِلَبَنِ الْبَقَرِ دُونَ لَبَنِ الْإِبِلِ حَتَّى إنَّ مَا يَكُونُ أَصْلُهُ جِنْسًا وَاحِدًا كَالْبَقَرِ مَعَ الْجَوَامِيسِ وَالْعِرَابِ مَعَ الْبَخَاتِيِّ وَالْمَعْزِ مَعَ الضَّأْنِ فَلَبَنُهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَدَلِيلُ اتِّحَادِ جِنْسِ الْأَصْلِ تَكْمِيلُ نِصَابِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ اللُّحُومُ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ عِنْدَنَا

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ يَقُولُ كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْهَيْئَةِ هُنَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَمْيِيزُ الْبَعْضِ عَنْ الْبَعْضِ بِرُؤْيَةِ الْأَعْيَانِ بِخِلَافِ الْأَدْهَانِ وَالْأَلْبَانِ وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يَقُولُ الْكُلُّ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاتِّفَاقِ اسْمِ الْعَيْنِ وَهُوَ اللَّحْمُ وَتَقَارُبِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا فَإِنَّ كُلَّهَا يَصْلُحُ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ اتِّخَاذُ الْمَرَقَةِ مِنْهَا وَعِنْدَنَا هِيَ أَجْنَاسٌ لِأَنَّ أُصُولَهَا أَجْنَاسٌ حَتَّى لَا يُضَمُّ الْبَعْضُ إلَى الْبَعْضِ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ الْأَسَامِي مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الْإِضَافَةِ كَدَقِيقِ الْحِنْطَةِ مَعَ دَقِيقِ الشَّعِيرِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ مَعَ الْمَرْوِيِّ وَكَذَا لَحْمُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْمَقْصُودُ أَيْضًا فَبَعْضُ النَّاسِ يَرْغَبُ فِي بَعْضِ اللُّحُومِ دُونَ الْبَعْضِ فَرُبَّمَا يَنْفَعُهُ الْبَعْضُ وَيَضُرُّهُ الْبَعْضُ وَلَا تَفَاوَتَ فِي الْمَقْصُودِ أَبْلَغَ مِنْ هَذَا وَلَكِنْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ هِيَ مَوْزُونَةٌ كُلُّهَا فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ نَسِيئَةً وَيَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ لِانْعِدَامِ أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ.

قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا وَلَا مُتَفَاضِلًا) لِأَنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ شُبْهَةَ الْمُجَانَسَةِ فَإِنَّ عَمَلَ الطَّحْنِ فِي الصُّورَةِ هُوَ تَفْرِيقُ الْأَجْزَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحُكْمِ الدَّقِيقِ غَيْرَ الْحِنْطَةِ وَيُجْعَلُ الدَّقِيقُ حَاصِلًا بِالطَّحْنِ وَلِهَذَا كَانَ لِلْغَاصِبِ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>