للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّ السَّلَمِ طَعَامًا قَبْلَ الْمَقْبُوضِ وَرَجَعَ بِحَقِّهِ وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى أَصْلِهِ فِي رَدِّ الْمِثْلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ إذَا وَجَدَ الْمَقْبُوضُ زُيُوفًا وَقَدْ هَلَكَ فِي يَدِهِ وَفِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

قَالَ: (لَوْ قَالَ: لِآخَرَ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ إلَى أَجَلِ كَذَا بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا إلَيَّ فِي مَكَانِ كَذَا فَهُوَ سَلَمٌ جَائِزٌ عِنْدَنَا) وَقَالَ: زُفَرُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا وَإِنَّمَا الرُّخْصَةُ فِي السَّلَمِ خَاصَّةً فَإِذَا ذُكِرَ لَفْظُ السَّلَمِ جَازَ بِطَرِيقِ الرُّخْصَةِ وَإِلَّا فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا كُنَّا نَقُولُ قَدْ أَتَيْنَا بِمَعْنَى السَّلَمِ وَذَكَرَ شَرَائِطَهُ وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى دُونَ الْأَلْفَاظِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَلَّكْتُكَ هَذِهِ الْعَيْنَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَبِلَ الْآخَرُ كَانَ بَيْعًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الْبَيْعِ وَهَذَا عَلَى أَصْلِ زُفَرَ أَظْهَرُ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَيْعًا ابْتِدَاءً

ثُمَّ خَتَمَ الْبَابَ بِفَصْلٍ مِنْ فُصُولِ التَّحَالُفِ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا وَهَلَكَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَحَالَفَانِ لَا فِي الْقَائِمِ وَلَا فِي الْهَالِكِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَيَّ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْمَيِّتِ شَيْئًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ الْقَائِمُ وَقِيمَةُ الْهَالِكِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ بَعْدَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ فَإِنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هَلَاكَ السِّلْعَةِ يَمْنَعُ جَرَيَانِ التَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَمْنَعُ وَبَيَانُ هَذَا الْفَصْلِ يَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَصْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ هَلَاكَ جَمِيعِ السِّلْعَةِ لَا يَمْنَعُ جَرَيَانِ التَّحَالُفِ فَكَذَلِكَ هَلَاكُ الْبَعْضِ ثُمَّ التَّحَالُفِ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي الْقَائِمِ مِنْهُمَا عَلَى الْعَيْنِ مُمْكِنٌ فَرَدَّ الْعَيْنَ وَفِي الْهَالِكِ رَدُّ الْعَيْنِ مُتَعَذَّرٌ فَيَقُومُ رَدُّ الْقِيمَةِ مَقَامَ رَدِّ الْعَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ هَالِكًا عِنْدَهُ وَالْقَوْلُ فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةِ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ مَعَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَوْ كَانَا قَائِمَيْنِ فُسِخَ الْعَقْدُ فِيمَا بَيْنَهُمَا بِالتَّحَالُفِ وَلَوْ كَانَا هَالِكَيْنِ لَمْ يَجُزْ التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي الْفَسْخِ بِسَبَبِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُمَّ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَاهُمَا بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُمَا بِأَلْفٍ كَمَا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي وَلَا يُفَضِّلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الْيَمِينِ لِأَنَّهُ إذَا فَضَّلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فِي التَّحَالُفِ يَفُوتُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَالُ كَمَا يَدَّعِيهِ خَصْمُهُ فَلِهَذَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّحَالُفِ فَإِذَا تَحَالَفَا تُرَدُّ الْعَيْنُ مِنْهُمَا ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّةِ الْهَالِكِ بِاَللَّهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا خَمْسُمِائَةٍ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>