للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْخُلْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ، وَلَوْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ثُمَّ أُسْقِطَ خِيَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُجْتَزَى بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَعِنْدَهُمَا يُجْتَزَى بِهَا

وَمِنْهَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ بِخِيَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ فَهُوَ بِالرَّدِّ يَمْتَنِعُ مِنْ تَمَلُّكِهِ، وَعِنْدَهُمَا كَانَ مَالِكًا، فَلَوْ رَدَّهُ بَعْدَمَا أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ يَخْرُجُ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ

قَالَ: نَصْرَانِيٌّ اشْتَرَى مِنْ نَصْرَانِيٍّ خَمْرًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا إمَّا الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَبْقَى الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْخَمْرَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَالْإِسْلَامُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ قَبْضِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ خَمْرًا مَغْصُوبَةً لَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَمْنَعُ الْقَبْضَ هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ مُشَابِهٌ بِالْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَأَكَّدُ بِهِ مِلْكُ الْعَيْنِ، وَيُسْتَفَادُ بِهِ مِلْكُ التَّصَرُّفِ فَكَمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ مِنْ أَحَدِهِمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ عَلَى الْخَمْرِ فَكَذَلِكَ يَمْنَعُ الْقَبْضَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَفَوَاتُ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ، يُوَضِّحُهُ أَنَّ الطَّارِئَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الزَّوَائِدِ يُجْعَلُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ حُكْمًا فَكَذَلِكَ الطَّارِئُ مِنْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا يُجْعَلُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ السَّلَمُ فِي الْخَمْرِ يُعَيَّنُ إذَا أَسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ إلَى نَصْرَانِيٍّ فِي خَمْرٍ يَجُوزُ، فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ فِي السَّلَمِ أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ وَفِي مَبِيعِ الْعَيْنِ أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِحُكْمِ السَّلَمِ يُوجِبُ الْمِلْكَ فِي غَيْرِ الْمَقْبُوضِ وَهُوَ نَظِيرُ الْعَقْدِ فِي أَنَّ إسْلَامَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَمْنَعُ عَلَى الْخَمْرِ فَأَمَّا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ الْقَبْضُ نَاقِلٌ لِلضَّمَانِ وَلَيْسَ بِمُوجِبٍ مِلْكَ الْعَيْنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْخَمْرَ، وَلَمْ يَرُدَّ الثَّمَنَ حَتَّى أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْبَيْعُ مَاضٍ وَالثَّمَنُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَقْدِ يَنْتَهِي فِي الْحَرَامِ بِالْقَبْضِ، وَالْإِسْلَامُ الطَّارِئُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْعِ مِنْ قَبْضِ الثَّمَنِ يُقَرِّرُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ إذَا طَرَأَ فَإِنَّهُ يُلَاقِي الْحُرْمَةَ الْقَائِمَةَ بِالرَّدِّ وَالْمَاضِيَةَ بِالْعَفْوِ كَنُزُولِ آيَةِ الرِّبَا عَلَى مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٨] أَيْ مَا بَقِيَ غَيْرُ مَقْبُوضٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْإِسْلَامَ الْمُحَرِّمَ إذَا طَرَأَ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْمَقْبُوضِ

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَازِمٌ وَهُوَ فِي الْآخَرِ بِالْخِيَارِ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَزِمَهُ الْعَقْدُ فِيهِ مِنْهُمَا مَجْهُولٌ وَإِلْزَامُ الْعَقْدِ فِي الْمَجْهُولِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا، فَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>