للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَاعَةً فِي سِجْنٍ أَوْ فِي غَيْرِ سِجْنٍ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّ النَّاسَ أَغْلَقُوا أَبْوَابَ الْمَسَاجِدِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْأَمْصَارِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي جَمَاعَةً فِيهَا وَلِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي حَقِّ مَنْ يَسْكُنُ الْمِصْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ شَيْئَانِ: تَرْكُ الْجَمَاعَةِ وَشُهُودُ الْجُمُعَةِ وَأَصْحَابُ السِّجْنِ قَدَرُوا عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ فَيَأْتُونَ بِذَلِكَ وَلَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَعْذُورِ إقَامَةَ الظُّهْرِ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمِصْرِ رُبَّمَا يَقْتَدِي بِهِمْ غَيْرُ الْمَعْذُورِ وَفِيهِ تَقْلِيلُ النَّاسِ فِي الْجَامِعِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْقُرَى فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ يَسْكُنُهَا شُهُودُ الْجُمُعَةِ فَكَانَ هَذَا الْيَوْمَ فِي حَقِّهِمْ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ

(قَالَ): وَالْخُطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ هَكَذَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا مِنْ شَرَائِطِ الْجُمُعَةِ

(قَالَ) وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِهِ جَرَى التَّوَارُثُ وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى حَفِظَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ مَا قَرَأَ فِيهَا وَنَقَلُوهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ» وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: «قَرَأَ فِي الْأُولَى {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١]»

(قَالَ) وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ وَقَدَّمَهُ سَجَدَ بِهِمْ السَّجْدَتَيْنِ وَلَمْ يَحْتَسِبْ بِهِمَا مِنْ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْأَوَّلِ فَيَأْتِي بِمَا كَانَ يَأْتِي الْأَوَّلُ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الِاحْتِسَابِ بِهِمَا لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ وَهُوَ تَقَدُّمُ الرُّكُوعِ فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِمَا كَانَ تَطَوُّعًا فِي حَقِّهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْقَوْمِ بِهِ وَهُمْ مُفْتَرِضُونَ قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ بَلْ هُمَا فَرْضٌ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهُمَا لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَلَكِنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِهِمَا لِانْعِدَامِ شَرْطِ الِاحْتِسَابِ فِي حَقِّهِ

(قَالَ) وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا أَوْ عَبْدًا يُقِيمُ الْجُمُعَةَ بِالنَّاسِ جَازَ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا

(قَالَ) وَمَا قَرَأَ مِنْ الْقُرْآنِ فِي الْجُمُعَةِ فَهُوَ حَسَنٌ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُوَقِّتُ لِذَلِكَ شَيْئًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى هَجْرِ مَا سِوَى مَا وَقَّتَهُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ مَهْجُورًا إلَّا أَنْ يَتَبَرَّكَ بِقِرَاءَةِ سُورَةٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَهَا فِيهَا فَيَقْتَدِي بِهِ

(قَالَ): وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَقْعُدْ فَإِنَّهُ يَعُودُ وَيَقْعُدُ لِأَنَّهَا قَعْدَةُ الْخَتْمِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فَيَعُودُ إلَيْهَا كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةُ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ كَالظُّهْرِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ

(قَالَ): وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَحْتَبِيَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ شَاءَ لِأَنَّ قُعُودَهُ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ فَيَقْعُدُ كَمَا شَاءَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّطَوُّعَاتِ فِي بَيْتِهِ كَانَ يَقْعُدُ مُحْتَبِيًا فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَفِي حَالَةِ انْتِظَارِهَا أَوْلَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>