للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمْيِيزِ الْبَعْضِ مِنْ الْبَعْضِ فِي التَّسْلِيمِ مِنْ الضَّرَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ، اشْتَرَاهُ بِسَيْفٍ مُحَلَّى فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْوَدِيعَةَ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى افْتَرَقَا، فَإِنَّ حِلْيَةَ السَّيْفِ بِحِلْيَةِ السَّيْفِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ، وَقَدْ انْتَقَضَ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ قَالَ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَصْلُ السَّيْفِ، وَحَمَائِلُهُ، وَجَفْنُهُ بِنَصْلِ الْآخَرِ، وَحَمَائِلِهِ، وَجَفْنِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي حِلْيَةِ أَحَدِهِمَا فَضْلٌ أُضِيفَ ذَلِكَ إلَى النَّصْلِ، وَالْحَمَائِلِ، وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِحَمَائِلَ هَذَا، وَنَصْلِهِ، وَلَكِنْ دَعْ هَذَا، وَأَفْسِدْ الْبَيْعَ كُلَّهُ، وَحَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ: الْحِلْيَةَ بِمِثْلِ وَزْنِهَا مِنْ الْحِلْيَةِ، وَلَا تُجْعَلُ الْحِلْيَةُ بِمُقَابَلَةِ النَّصْلِ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْوَجْهَيْنِ صَحِيحٌ، وَصَرْفُ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ؛ لِتَرْجِيحِ جِهَةِ الْجَوَازِ عَلَى جِهَةِ الْفَسَادِ، وَإِذَا جَازَ الْعَقْدُ فِي الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّمَا يُقَابِلُ الْفِضَّةَ مِثْلُ وَزْنِهَا، وَهُنَا الْعَقْدُ جَائِزٌ، وَلَكِنْ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَفْسُدُ، وَإِنَّمَا يَحْتَالُ لِتَصْحِيحِ الْعُقُودِ لَا لِإِلْغَائِهَا بَعْدَ صِحَّتِهَا، وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ فِي حِصَّةِ الصَّرْفِ، يَفْسُدُ فِيمَا بَقِيَ أَيْضًا؛ لِمَا يَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الضَّرَرِ، فِي تَمْيِيزِ الْبَعْضِ مِنْ الْبَعْضِ فِي التَّسْلِيمِ

وَلَوْ قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا، كَانَ جَائِزًا، وَتَكُونُ فِضَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِفِضَّةِ الْآخَرِ، وَحَمَائِلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَنَصْلُهُ بِحَمَائِلِ الْآخَرِ وَنَصْلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْحِلْيَةِ فَضْلٌ أُضِيفَ الْفَضْلُ إلَى الْحَمَائِلِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَالنَّصْلِ، وَهَذَا مِثْلُ رَجُلٍ بَاعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا، وَنُقْرَةَ فِضَّةٍ بِثَوْبٍ، وَنَقْرَةِ فِضَّةٍ فَالثَّوْبُ بِالثَّوْبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ يُقَابِلُهَا فِي الْعَقْدِ مِثْلُ وَزْنِهَا مِنْ الْفِضَّةِ، وَذَلِكَ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ فَيَكُونُ أَقْوَى مِنْ شَرْطِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ مِنْ أَحَدٍ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ مَعَ الثَّوْبِ بِالثَّوْبِ الْآخَرِ، كَرَجُلٍ اشْتَرَى نَقْرَةً وَزْنَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَثَوْبًا بِشَاةٍ، وَأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَعَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ وَدِرْهَمٍ، وَمُسَاوَاةً بِالثَّوْبِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ، وَجَازَ فِي الشَّاةِ وَالدَّرَاهِمِ، وَالثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِصَرْفٍ، وَتَمْيِيزُ الْبَعْضِ عَنْ الْبَعْضِ مُمْكِنٌ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَالْفَسَادُ لِمَعْنًى طَارِئٍ فِي الْبَعْضِ لَا يَتَعَدَّى إلَى مَا بَقِيَ.

وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا، وَدِينَارًا بِثَوْبٍ، وَدِرْهَمٍ فَالثَّوْبُ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّوْبِ، وَالدِّرْهَمُ وَالثَّوْبُ الْآخَرُ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّوْبِ، وَالدِّينَارِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ قُوبِلَا بِجِنْسَيْنِ فَلَيْسَ صَرْفُ الْبَعْضِ إلَى الْبَعْضِ بِأَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ، فَلِلْمُعَاوَضَةِ يَثْبُتُ الِانْقِسَامُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ؛ فَإِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَتْ حِصَّةُ الذَّهَبِ مِنْ الْفِضَّةِ، وَحِصَّةُ الْفِضَّةِ مِنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ صَرْفٌ، وَجَازَ الْبَيْعُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ بِصَاحِبِهِ، بِالْحِصَّةِ الَّتِي سُمِّيَتْ لَهُ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَيْبَ التَّبْعِيضِ بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ تَرْكُ الْقَبْضِ، وَالتَّسْلِيمِ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>