للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ، وَالثَّالِثُ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الدَّارِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْبَيْتِ مِنْ الثَّمَنِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ الرَّغْبَةَ فِي أَخْذِ مِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّارِ فَكَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ.

وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِالدَّارِ لِشُفْعَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الدَّارِ، فَالْبَيْعُ لَازِمٌ لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُهَا بِبَدَلٍ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَكَانَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لَهُ بِشُفْعَةٍ قَبْلَ أَنْ يُحْضِرَ الثَّمَنَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، فَأَمَّا مُحَمَّدٌ لَا يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْأَخْذِ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ، فَلَا يَقْضِي الْقَاضِي لَهُ بِالْمِلْكِ قَبْلَ ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَلَكِنَّا نَقُولُ مَا لَمْ يَجِبْ الثَّمَنُ عَاجِلًا لَا يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ وَوُجُوبُ الثَّمَنِ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ بِالدَّارِ، فَالْقَاضِي يَقْضِي لَهُ بِحَقِّهِ قَبْلَ إحْضَارِ الثَّمَنِ وَيَجْعَلُ الْمُشْتَرِيَ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِهَا إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ فَيَدْفَعُ الدَّارَ إلَيْهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي.

وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا، وَالشَّفِيعُ غَائِبٌ فَعَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَلَهُ مِنْ الْأَجَلِ بَعْدَ الْعِلْمِ عَلَى قَدْرِ الْمَسِيرِ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ كَمَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ وَيَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ، وَالْغَيْبَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِشْهَادِ عَلَى الطَّلَبِ كَمَا لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حَقِّهِ، ثُمَّ بَعْدَ الْإِشْهَادِ حَالُهُ كَحَالِ الْحَاضِرِ فَكَمَا أَنَّ هُنَاكَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى مَنْ فِي يَدِهِ الدَّارُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ؛ لِيَطْلُبَ عِنْدَهُ فَهُنَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَجَّهَ أَوْ يَبْعَثَ نَائِبًا عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، وَلَكِنْ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ يَحْتَاجُ إلَى مُهْلَةٍ هُنَا؛ فَلِهَذَا جَعَلَ لَهُ الْأَخْذَ بِقَدْرِ الْمُشْتَرَى وَكَمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بِنَائِبِهِ وَرُبَّمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِنَفْسِهِ لِعُذْرٍ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَطْلُبَ، فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ الْأَجَلُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ، أَوْ يَبْعَثَ مَنْ يَطْلُبُ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، فَإِنْ قَدِمَ فَطَلَبَ فَتَغَيَّبَ الْمُشْتَرِي عَنْهُ، أَوْ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ فَأَشْهَدَ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فِي طَلَبِ التَّقْرِيرِ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ أَنْ يَتْبَعَ الْمُشْتَرِي فَرُبَّمَا لَا يَظْفَرُ بِهِ، أَوْ يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ عَظِيمٌ فِيهِ، فَإِذَا ظَهَرَ الْمُشْتَرِي بِبَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ الدَّارُ فَلَيْسَ عَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَهُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الدَّارُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إتْبَاعِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ، إلَّا فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الدَّارُ، فَإِذَا حَضَرَ هَذَا الْبَلَدَ، فَقَدْ أَتَى بِمَا كَانَ يَحِقُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي قَصَدَ أَنْ يُلْحِقَهُ زِيَادَةَ ضَرَرٍ حِينَ هَرَبَ مِنْهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ قَصْدَهُ وَيَكُونُ الشَّفِيعُ عَلَى حَقِّهِ إذَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ امْرَأَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، إلَّا مَنْ لَهُمْ الشُّفْعَةُ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ عَلَيْهَا إنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>