للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرَطَ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إلَى شَهْرٍ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ الْأَجَلَ فِي الْعَيْنِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ لِلْعَيْنِ بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ لِلْآخَرِ فِيهِ، فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ.

وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ ثِيَابًا مَوْصُوفَةً إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَجَلًا لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ سَلَمًا وَلَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا وَالسَّلَمُ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَجَّلًا وَالْقَرْضُ لَا يَكُونُ إلَّا حَالًّا فَعَرَفْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مُؤَجَّلًا ثُبُوتًا صَحِيحًا وَلَا تَثْبُتُ حَالًّا.

وَإِذَا كَانَ مِيرَاثٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي دَارٍ وَمِيرَاثٌ فِي دَارٍ أُخْرَى فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا مَا فِي هَذِهِ الدَّارِ وَلِلْآخَرِ مَا فِي تِلْكَ وَزَادَ مَعَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَإِنْ كَانَا سَمَّيَا سِهَامًا كَمْ هِيَ سَهْمٌ مِنْ كُلِّ دَارٍ جَازَ؛ لِأَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ مَعْلُومٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِجَهَالَةِ مَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَذِهِ جَهَالَةُ تُفْضِي إلَى تَمَكُّنِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا فِي الثَّانِي وَإِنْ سَمَّيَا مَكَانَ السِّهَامِ أَذْرُعًا مُسَمَّاةً مُكَسَّرَةً جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَلَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي الْبُيُوعِ إذَا بَاعَ ذِرَاعًا فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَالْقِسْمَةُ نَظِيرُ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ.

دَارَانِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ اقْتَسَمُوهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا إحْدَى الدَّارَيْنِ وَالثَّانِي الدَّارَ الْأُخْرَى عَلَى أَنْ يَرُدَّ الَّذِي أَخَذَ الدَّارَ الْكُبْرَى عَلَى الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى نَصِيبَ الشَّرِيكِ الثَّالِثِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَوْ اشْتَرَى نَصِيبَ الشَّرِيكَيْنِ جَمِيعًا بِالدَّرَاهِمِ جَازَ، فَكَذَا إذَا اشْتَرَى نَصِيبَ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ قَاسَمَ الشَّرِيكَ الْآخَرَ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهَا فِي الدَّارَيْنِ، وَذَلِكَ مُسْتَقِيمٌ أَيْضًا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الدُّورَ تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً بِالتَّرَاضِي، وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ الدَّارَ الْكُبْرَى اثْنَانِ مِنْهُمْ وَأَخَذَ الثَّالِثُ الدَّارَ الصُّغْرَى وَإِذَا كَانَتْ دَارًا وَاحِدَةً بَيْنَهُمْ وَأَخَذَهَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَرُدَّا عَلَى الثَّالِثِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَيَا نَصِيبَهُ بِمَا نَفَّذَا لَهُ مِنْ الدَّاهِمِ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطُوا عَلَى أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْ الدَّرَاهِمِ لِفَضْلٍ فِي مَنْزِلِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُشْتَرِيًا ثُلُثَيْ نَصِيبِ الثَّالِثِ وَصَاحِبُهُ الثُّلُثُ.

وَكَذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ اقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَبْدًا بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ زَادَهُ الْآخَرُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعَبْدِ عِوَضٌ عَنْ الْمِائَةِ الدَّرَاهِمِ وَبَعْضُهُ عِوَضٌ عَمَّا أَخَذَ مَالِكُ الْعَبْدِ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِالْقِسْمَةِ مِنْ الدَّارِ، وَذَلِكَ مُسْتَقِيمٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ وَأَخَذَ آخَرُ الْخَرَابَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ صَاحِبُ الْبِنَاءِ عَلَى الْآخَرِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا أَخَذَ مِنْ الْبِنَاءِ عِوَضٌ مُسْتَحَقٌّ لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَبَعْضُهُ مَبِيعٌ لَهُ بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>