للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بَيْعًا وَشِرَاءً فَالْقِسْمَةُ مِثْلُهُ وَالْوَصِيُّ الَّذِي يُقِيمُهُ الْقَاضِي فِي أَمْرِ الْيَتِيمِ بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً كَامِلَةً عَلَى الصَّغِيرِ تَعُمُّ الْمَالَ وَالنَّفْسَ جَمِيعًا كَوِلَايَةِ الْأَبِ فَوَصِيُّهُ أَيْضًا كَوَصِيِّ الْأَبِ، وَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي النَّفَقَةِ خَاصَّةً أَوْ فِي حِفْظِ شَيْءٍ عِنْدَهُ لَمْ تَجُزْ قِسْمَتُهُ؛ لِأَنَّ تَنْصِيبَ الْقَاضِي إيَّاهُ وَصِيًّا قَضَاءٌ مِنْهُ وَالْقَضَاءُ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَهُ الْأَبُ وَصِيًّا فِي شَيْءٍ خَاصٍّ؛ لِأَنَّ إيصَاءَ الْأَبِ إلَيْهِ إثْبَاتُ الْوِلَايَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْوِلَايَةُ لَا تَحْتَمِلُ التَّجْزِيءَ وَالْمَعْنَى فِي الْفَرْقِ أَنَّ قِسْمَ الْقَاضِي يَتَصَرَّفُ مَعَ بَقَاءِ رَأْي الْقَاضِي فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ وِلَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَا أَمَرَ الْقَاضِي بِهِ لِتَمَكُّنِ الْقَاضِي مِنْ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ لَهُ فَيَكُونُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ نَصِيبُ الْقَيِّمِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ فَأَمَّا وَصِيُّ الْأَبِ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَزَوَالِ تَمَكُّنِهِ مِنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ فَالْحَاجَةُ تَمَسُّ إلَى تَعْمِيمِ وِلَايَتِهِ فِيمَا يَحْتَاجُ الصَّبِيُّ إلَى مَنْ يَنْظُرُ فِيهِ لَهُ وَمَنْ وَجَدَ مِنْ الشُّرَكَاءِ بِنَصِيبِهِ عَيْبًا بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَيَنْقُضُ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا كَمَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِاصْطِلَاحِهِمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يُمَيِّزُ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا أَعْطَاهُ عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ مِنْ الْعَيْبِ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِحْقَاقُ السَّلَامَةِ عَنْ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَبِوُجُودِ الْعَيْبِ يَفُوتُ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ فَيَتَخَيَّرُ لِذَلِكَ.

(قَالَ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَهُ عَدَدٌ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ الثِّيَابِ رَدَّ الَّذِي بِهِ الْعَيْبُ خَاصَّةً بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ وَقَبَضَهُمَا، ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدَيْهِمَا عَيْبًا رَدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً فَهَذَا مِثْلُهُ وَيَكُونُ الْمَرْدُودُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ فِيهِ بِالرَّدِّ وَيَرْجِعُ فِي جَمِيعِ مَا أَصَابَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ)؛ لِأَنَّ عِنْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَكُونُ رُجُوعُهُ بِعِوَضِ الْمَرْدُودِ وَالْعِوَضُ حِصَّتُهُ هُنَا مِمَّا أَصَابَهُمْ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ.

وَإِنْ أَصَابَهُ دَارٌ أَوْ خَادِمٌ فَسَكَنَ الدَّارَ بَعْدَ مَا رَأَى الْعَيْبَ أَوْ اسْتِخْدَامِ الْجَارِيَةِ لَمْ يَكُنْ هَذَا رِضَا بِالْعَيْبِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ هُوَ رِضًا؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ إلَّا فِي مِلْكِهِ عَادَةً فَإِقْدَامُهُ عَلَيْهِ دَلِيلُ الرِّضَا بِتَقْرِيرِ مِلْكِهِ وَهُوَ كَالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ أَوْ طَحْنِ الطَّعَامِ أَوْ قَطْعِ الثَّوْبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ الِاسْتِخْدَامُ وَالسُّكْنَى قَدْ يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ عَادَةً بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلَ الرِّضَا وَلِأَنَّهُ بِفِعْلِ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ لِيَنْظُرَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ هَلْ يُمْكِنُ نَقَصَانَا فِي مَقْصُودِهِ أَوَّلًا فَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ دَلِيلَ الرِّضَا مِنْهُ وَقِيلَ جَوَابُهُ هُنَا فِي السُّكْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>