للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحْرَمَ فِي حُكْمِ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَكَذَلِكَ ذَوَاتُ مَحَارِمِهِ وَلَكِنْ يُيَمِّمَ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ لِانْعِدَامِ مَنْ يُغَسِّلُهُ فَصَارَ كَتَعَذُّرِ غُسْلِهِ لِانْعِدَامِ مَا يُغَسَّلُ بِهِ فَإِنْ كَانَ مَنْ يُيَمِّمُهُ مَحْرَمًا يَمَّمَهُ بِغَيْرِ خِرَقِهِ لِأَنَّهُ حَلَّ لَهَا مَسُّ هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً يَمَّمَتْهُ بِخِرْقَةٍ تَلُفُّهَا عَلَى كَفِّهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَمَسَّهُ فِي حَيَاتِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ثُمَّ يُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَقَامَ الْإِمَامُ مِنْهُنَّ وَسْطَهُنَّ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ كَافِرٌ عَلَّمْنَهُ غُسْلَ الْمَيِّتِ لِيُغَسِّلَهُ لِأَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَخَفُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فِي الدِّينِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُغَسِّلُ قَرَابَتَهُ مِنْ الْكُفَّارِ

وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ الرِّجَالِ وَفِيهِمْ زَوْجُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَهُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَقُولُ: وَارْأَسَاهُ فَقَالَ: وَأَنَا وَارْأَسَاهُ لَا عَلَيْك إنَّك لَوْ مِتَّ غَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك» وَمَا جَازَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجُوزُ لِأُمَّتِهِ إلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَإِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - غَسَّلَ فَاطِمَةَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ انْتَهَى بَيْنَهُمَا بِالْمَوْتِ فَيُفِيدُ الْبَاقِي مِنْهُمَا حِلَّ الْغُسْلِ كَالرَّجُلِ إذَا مَاتَ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُنْتَهَى مُتَقَرِّرٌ فِي حَقِّ أَحْكَامِهِ نَحْوَ الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ جُعِلَ كَالْقَائِمِ لِحَاجَةِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا إلَى الْغُسْلِ وَمِلْكُ الْحِلِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا.

(وَلَنَا) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ تَمُوتُ بَيْنَ رِجَالٍ فَقَالَ: تُيَمَّمُ الصَّعِيدَ» وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ زَوْجُهَا أَوْ لَا يَكُونُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ النِّكَاحَ بِمَوْتِهَا ارْتَفَعَ بِجَمِيعِ عَلَائِقِهِ فَلَا يَبْقَى حِلُّ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّهَا بِالْمَوْتِ صَارَتْ مُحَرَّمَةً أَلْبَتَّةَ وَالْحُرْمَةُ تُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً وَلِهَذَا جَازَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ ثُمَّ الزَّوْجُ بِالنِّكَاحِ مَالِكٌ وَالْمَرْأَةُ مَمْلُوكَةٌ فَبَعْدَ مَوْتِهِ يُمْكِنُ إبْقَاءُ صِفَةِ الْمَالِكِيَّةِ لَهُ حُكْمًا لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْمِلْكِ فَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَا يُمْكِنُ إبْقَاءُ الْمِلْكِ مَعَ فَوَاتِ الْمَحَلِّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: غَسَّلْتُك أَيْ: قُمْت بِأَسْبَابِ غُسْلِك كَمَا يُقَالُ بَنَى فُلَانٌ دَارًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ بَنَى وَحَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ غَسَّلَهَا فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ فَاطِمَةَ غَسَّلَتْهَا أُمُّ أَيْمَنَ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - غَسَّلَهَا فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَمَّا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَاطِمَةُ زَوْجَتُك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَادِّعَاؤُهُ الْخُصُوصِيَّةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَهُمْ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُغَسِّلُ زَوْجَتَهُ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>