للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّعْوَى دُونَ الْإِقْرَارِ.

وَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا إلَى بَغْدَادَ فَقَالَ قَدْ أَعَرْتَنِي الدَّابَّةَ وَقَالَ صَاحِبُهَا بَلْ اكْتَرَيْتُهَا مِنْكَ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا - أَجْرَ أَمَّا الضَّمَانُ فَلِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ رَكِبَهَا بِأَمْرِ صَاحِبِهَا، وَأَمَّا - الْأَجْرُ فَلِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُنْكِرٌ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُؤَاجِرُ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِدِرْهَمٍ وَالْآخَرُ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا عَلَى الدِّرْهَمِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَالْمَقْصُودُ إثْبَاتُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُنْتَهًى فَيُقْضَى بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّهُ يُقْضَى بِالْأَقَلِّ عِنْدَهُمَا، وَلَكِنَّا نَقُولُ هُنَاكَ الشَّاهِدَانِ مَا اتَّفَقَ عَلَى شَيْءٍ لَفْظًا فَالْخَمْسَةُ غَيْرُ السِّتَّةِ وَعِنْدَهُمَا الْقَضَاءُ بِالْأَقَلِّ بِاعْتِبَارِ الْمُوَافَقَةِ فِي الْمَعْنَى وَبِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْمُدَّعِي مُكَذِّبٌ أَحَدَهُمَا وَهُنَا اتَّفَقَا الشَّاهِدَانِ عَلَى الدِّرْهَمِ لَفْظًا فَالْمُدَّعِي يَدَّعِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يَدَّعِي شَيْئًا آخَرَ مَعَ ذَلِكَ وَهُوَ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَأَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ فَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَصِيرُ الْمُدَّعِي مُكَذِّبًا لَهُ؛ فَلِهَذَا أَقْضَيْنَا لَهُ بِالدِّرْهَمِ.

وَلَوْ رَكِبَ رَجُلًا دَابَّةَ رَجُلٍ إلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ اكْتَرَيْتَهَا إلَى الْجِبَايَةِ بِدِرْهَمٍ فَجَاوَزْتَ ذَلِكَ وَقَالَ الَّذِي رَكِبَ أَعَرْتَنِيهَا وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ أَقَامَ رَبُّ الدَّابَّةِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَكْرَاهُ إلَى الْحِيرَةِ بِدِرْهَمٍ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ إكْذَابٌ مِنْهُ لِشُهُودِهِ فَإِنَّهُ ادَّعَى الْإِكْرَاءَ إلَى الْجِبَايَةِ.

وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الدَّابَّةِ أَنَّهُ أَكْرَاهَا إلَى السَّالِحِينَ بِدِرْهَمِ وَنِصْفٍ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِذَلِكَ وَآخَرُ شَهِدَ أَنَّهُ أَكْرَاهَا إلَى السَّالِحِينَ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ بِدِرْهَمٍ إذَا كَانَ قَدْ رَكِبَهَا؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ لَفْظًا وَالْمُدَّعِي يَدَّعِيهِ أَيْضًا.

وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ تَكَارَيْتُهَا مِنْكَ إلَى الْقَادِسِيَّةِ بِدِرْهَمٍ. وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ بَلْ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فِي السَّوَادِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ بِدِرْهَمٍ، وَقَدْ رَكِبَهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ فَصَارَ ضَامِنًا مَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يُنْكِرُ الْإِذْنَ لَهُ فِي الرُّكُوبِ فِي طَرِيقِ الْقَادِسِيَّةِ، وَقَدْ رَكِبَ فَصَارَ ضَامِنًا، وَإِنَّمَا ادَّعَى رَبُّ الدَّابَّةِ الْعَقْدَ عَلَى الرُّكُوبِ فِي طَرِيقٍ آخَرَ وَلَمْ يَرْكَبْ الْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ.

وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَاهُ دَابَّتَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةٍ. وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّتَيْنِ بَلْ هَذِهِ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُمَا لَهُ إلَى بَغْدَادَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِمَا سَوَاءً، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ هُمَا لَهُ إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْمُثْبِتُ بَيِّنَةَ الزِّيَادَةِ فِي حَقِّهِ.

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ رَبُّ الدَّابَّتَيْنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَاهُ أَحَدَيْهِمَا بِعَيْنِهَا بِدِينَارٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>