للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ وَهُوَ عُضْوٌ مَقْصُودٌ لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِي الْبَدَنِ فَيَتَقَدَّرُ بَدَلُهُ بِبَدَلِ النَّفْسِ. وَإِذَا مَاتَ فَقَدْ حَصَلَ تَلَفُ النَّفْسِ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ فَكَانَ ضَامِنًا نِصْفَ بَدَلِ النَّفْسِ.

وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْطَعَ أُصْبُعَهُ لِوَجَعٍ أَصَابَهُ فِيهَا فَقَطَعَهَا فَمَاتَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْقَاطِعِ شَيْءٌ إلَّا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِذْنَ صَحَّ هُنَا؛ لِأَنَّ لِلْآذِنِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَنْتَقِلُ عَمَلُ الْمَأْذُونِ إلَيْهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اُقْتُلْنِي فَالْإِذْنُ هُنَاكَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْآذِنَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ، أَوْ بِعَبْدٍ لَهُ فَهَذَا، وَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ.

وَلَوْ أَمَرَ حَجَّامًا لِيَقْطَعَ سِنًّا فَفَعَلَ فَقَالَ أَمَرْتُك أَنْ تُقْلِعَ سِنًّا غَيْرَ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَالْحَجَّامُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ أَنْكَرَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. فَكَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْإِذْنَ فِي السِّنِّ الَّذِي قَلَعَهُ

وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً يَحْمِلُ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَجَعَلَ فِي جَوَالِقَ عِشْرِينَ مَخْتُومًا، ثُمَّ أَمَرَ رَبَّ الدَّابَّةِ فَكَانَ هُوَ الَّذِي وَضَعَهَا عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ هُوَ الْمُبَاشِرُ بِحَمْلِ الزِّيَادَةِ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَكِنَّ الْغُرُورَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ ضَمَانٍ لَا يَكُونُ مُثْبِتًا الرُّجُوعَ لِلْمَغْرُورِ عَلَى الْغَارِّ، وَإِنْ حَمَلَاهَا جَمِيعًا وَوَضَعَاهَا عَلَى الدَّابَّةِ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ رُبْعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْمَحْمُولِ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ وَنِصْفَهُ غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ وَفِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْحَمْلِ شَائِعٌ فِي النِّصْفَيْنِ فَبِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ وَبِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي حَمَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالنِّصْفِ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدِّي فِيهِ فَكَانَ ضَامِنًا رُبْعَ قِيمَتِهَا.

وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ فِي عِدْلَيْنِ فَرَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِدْلًا فَوَضَعَاهُمَا جَمِيعًا عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ حَمْلَ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ، وَقَدْ حَمَلَ هَذَا الْمِقْدَارَ فَيُجْعَلُ حَمْلُهُ مِمَّا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا حَمَلَهَا رَبُّ الدَّابَّةِ.

وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ لَوْ أَنَّ الْقَصَّارَ اسْتَعَانَ بِصَاحِبِ الثَّوْبِ حَتَّى دَقَّ الثَّوْبَ مَعَهُ فَتَخَرَّقَ وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الْفِعْلَيْنِ تَخَرَّقَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَصَّارُ ضَامِنٌ نِصْفَ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ الِاحْتِمَالِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ ضَامِنٌ جَمِيعَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ فِي يَدِهِ فَبِاعْتِبَارِ الْيَدِ هُوَ ضَامِنٌ مَا لَمْ يَصِلْ إلَى صَاحِبِهِ سَوَاءٌ تَلِفَ بِعَمَلِهِ، أَوْ بِغَيْرِ عَمَلِهِ فَمَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ التَّلَفَ بِعَمَلِ صَاحِبِ الثَّوْبِ كَانَ الْقَصَّارُ ضَامِنًا

وَإِذَا سَاقَ الرَّاعِي الْغَنَمَ، أَوْ الْبَقَرَ فَتَنَاطَحَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>