للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَجَعَلَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، وَهُوَ قَاعِدٌ لَمْ تُجْزِئْهُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ حِينَ قَعَدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَمَا افْتَتَحَهَا قَائِمًا جَعَلَ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ وَيَتْبَعَ الْإِمَامَ فِي صَلَاتِهِ، وَهِيَ تَامَّةٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ قَاعِدٌ يَتَأَدَّى بِهِ التَّطَوُّعُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَإِذَا لَمْ يُجْزِئْ مَا أَدَّى عَنْ الْفَرْضِ كَانَ نَفْلًا وَاشْتِغَالُهُ بِأَدَاءِ النَّفْلِ قَبْلَ إكْمَالِ الْفَرْضِ مُفْسِدٌ لِلْفَرْضِ فَعَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْإِيمَاءُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْعُذْرِ فَلَا يَجُوزُ أَدَاءُ التَّطَوُّعِ بِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَدَاءُ الْفَرْضِ فَلَمْ يَكُنْ هُوَ مُؤَدِّيًا لِلنَّفْلِ، وَلَكِنَّهُ مُؤَخِّرٌ أَدَاءَ الْأَرْكَانِ بَعْدَمَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِالْإِمَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ وَيُؤَدِّيَ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ، وَيَكُونُ مُسِيئًا لِمُخَالَفَتِهِ الْإِمَامَ بِالتَّأْخِيرِ، وَالثَّانِي أَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَاشْتِغَالُهُ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ صَلَاتِهِ يَكُونُ مُفْسِدًا لِصَلَاتِهِ، فَأَمَّا الْإِيمَاءُ فَلَيْسَ بِعَمَلٍ، وَهُوَ يَسِيرٌ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ لَا يَكُونُ قَطْعًا لِصَلَاتِهِ كَالِالْتِفَاتِ فَلِهَذَا يَقُومُ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ

وَلَوْ ظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ كَبَّرَ، وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَ فَكَبَّرُوا ثُمَّ قَهْقَهَ بَعْضُ الْقَوْمِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُمْ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْإِمَامِ فَضِحْكُهُمْ لَمْ يُصَادِفْ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ قَبْلَ الْإِمَامِ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ ثُمَّ كَبَّرَ الرَّجُلُ يَكُونُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَيَكُونُ تَكْبِيرُهُ هَذَا قَطْعًا لِمَا كَانَ فِيهِ وَشُرُوعًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَارِعٌ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ قَبْلَ الْإِمَامِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ أَنَّهُ نَوَى أَصْلَ الصَّلَاةِ، وَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ فَصَحَّتْ نِيَّةُ أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ فَيَكُونُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ هَهُنَا أَنَّهُ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ، وَلَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ هَذَا حِينَ لَمْ يُكَبِّرْ الْإِمَامُ فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَا أَجَابَ بِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ بِفَسَادِ الْجِهَةِ عِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ أَصْلُ الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الْجِهَةِ تَبْقَى نِيَّةُ أَصْلِ الصَّلَاةِ فَيَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِفَسَادِ الْجِهَةِ يَفْسُدُ أَصْلُ الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ بِبُطْلَانِ نِيَّةِ الْجِهَةِ هَهُنَا تَبْطُلُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ هُنَا فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا فِيهَا بِالتَّكْبِيرِ قَبْلَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ

وَلَوْ أَنَّ إمَامًا صَلَّى بِقَوْمٍ وَسَلَّمَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَضَحِكَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ أَوْ ضَحِكَ الْإِمَامُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، أَمَّا الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>