للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَبَتَ فَشِرَاؤُهُ بَاطِلٌ.

دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَادَّعَاهَا آخَرُ فَالْمُشْتَرِي خَصْمٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا وَكُلُّ مَنْ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ أَوْ يَدَّعِيَهَا خَصْمٌ لَهُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا أَنَّ الشِّرَاءَ الْفَاسِدَ مُوجِبٌ لِلْمِلْكِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى حُكْمِ الْمِلْكِ هُنَا.

دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا آخَرُ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ يَدِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَالْمُدَّعِي هُوَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ فَإِنِّي أَقْضِي بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ زَعَمَ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَيَكُونُ خَصْمًا فِيهَا لِلْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَيَكُونُ خَصْمًا عَنْهُ فِي إثْبَاتِ سَبَبِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي تَقَدُّمَ شِرَائِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَقْضِي بِالدَّارِ لَهُ وَيَسْتَوْفِي مِنْهُ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ قَدْ نَقَدَ الثَّمَنَ أَعْطَيْته الثَّمَنَ قِصَاصًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَيَأْخُذُ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُعِينَهُ عَلَيْهِ لِمَا يَثْبُتُ حَقَّ الْأَخْذِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْسَكَهُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ الْغَائِبِ فَيَحْفَظُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ ذِي الْيَدِ قَبْلَ غَيْبَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَعْطَاهُ الثَّمَنَ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ بِالْبَيِّنَةِ إذَا لَمْ يَحْضُرْ عَنْهُ خَصْمٌ، وَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ لَمْ يَنْقُدْ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ أَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ دَفَعْتهَا إلَى الْمُدَّعِي لِإِثْبَاتِهِ سَبَبَ الْمِلْكِ فِيهَا بِتَارِيخٍ سَابِقٍ وَأَخَذْتُ الثَّمَنَ مِنْهُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ الْغَائِبِ فَيَحْفَظُ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ عَلَى الْبَيْعِ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِنَقْدِ الثَّمَنِ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ لَهُمَا فَيَسْتَوْفِي الثَّمَنَ مِنْهُ لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الْغَائِبِ وَيُسَلِّمُ الدَّارَ إلَيْهِ لِيُتَوَصَّلَ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ.

رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ غَابَ الْمُشْتَرِي وَلَا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ فَأَقَامَ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي النَّظَرُ لَهُ وَلِلْمَفْقُودِ فِي مَالِهِ. فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْحُجَّةِ قَبِلَ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْهُ وَبَاعَ الْجَارِيَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ حِفْظِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْمِلْكِ لَا تَبْقَى لَهُ بِدُونِ النَّفَقَةِ وَحِفْظُ الثَّمَنِ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِ الْعَيْنِ. فَإِذَا بَاعَهَا نَقَدَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ بِكَفِيلٍ نَظَرًا مِنْهُ لِلْغَائِبِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ وَابَرَاءُ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْسَكَ الْفَضْلَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ وَضِيعَهُ فَذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْقَاضِي لَهُ الْجَارِيَةَ كَقَبْضِ الْمُشْتَرِي إيَّاهَا بِنَفْسِهِ فِيهِ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَيُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِمِقْدَارِ الْوَضِيعَةِ إذَا حَضَرَ، وَإِنْ كَانَ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبِعْ الْقَاضِي الْجَارِيَةَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوِلَايَةِ لِلْقَاضِي بِطَرِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>