للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَدِّهِ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ أَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْجَدَّ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِأَبِيهِ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَقْضِي بِهَا لِلْجَدِّ وَأَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ حَتَّى يُصَحِّحُوا عَدَدَ وَرَثَةِ الْجَدِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا نَظِيرُ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجِبُ الْقَضَاءُ بِمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يُجِيزَا الْمِيرَاثَ إلَيْهِ لَا يَظْهَرُ اسْتِحْقَاقُهُ وَكَوْنُهُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ مِلْكِ الْجَدِّ فَلَا يَقْضِي الْقَاضِي بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُخَيَّرُوا الْمِيرَاثَ كَمَا بَيَّنَّا.

قَالَ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَلِأَخِيهِ فُلَانٌ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَأَخُوهُ غَائِبٌ قَضَى الْقَاضِي بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْحُجَّةِ وَهُوَ خَصْمٌ عَنْ الْمَيِّتِ فِي إثْبَاتِ مِلْكِهِ فَأَمَّا نَصِيبُ الْغَائِبِ يُتْرَكُ فِي يَدَيْ ذِي الْيَدِ حَتَّى يَحْضُرَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إنْ كَانَ ذُو الْيَدِ مُنْكِرًا أَخْرَجَ الْقَاضِي نَصِيبَ الْغَائِبِ مِنْ يَدِهِ وَوَضَعَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا تَرَكَ نَصِيبَ الْغَائِبِ فِي يَدِهِ وَهَذَا اسْتِحْسَانًا وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالنَّظَرِ لِلْغَائِبِ فَإِذَا كَانَ ذُو الْيَدِ مُقِرًّا فَالنَّظَرُ فِي تَرْكِهِ فِي يَدِهِ لِظُهُورِ أَمَانَتِهِ عِنْدَهُ وَإِذَا كَانَ مُنْكِرًا فَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ تَرْكُهُ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ مَرَّةً بِالْجُحُودِ فَلَا يَأْمَنُ بِأَنْ يَجْحَدَهُ فَيَتَعَذَّرُ عَلَى الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَا تُوجَدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَكَانَ النَّظَرُ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ وَوَضْعِهِ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَلِأَنَّ ذَا الْيَدِ إذَا كَانَ مُنْكِرًا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَالِكٌ وَالْعَدْلُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِذَا كَانَ مُقِرًّا يَمْتَنِعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَيَجُوزُ تَرْكُهُ فِي يَدِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ الْحَاضِرُ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْ الْغَائِبِ فِي اسْتِيفَاءِ مِلْكِهِ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وُجُودُ حُضُورِهِ كَعَدَمِهِ وَقَدْ عَرَفَهَا الْقَاضِي فِي يَدِ ذِي الْيَدِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا إلَّا بِخَصْمٍ يَحْضُرُ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ احْتَاجَ إلَى وَضْعِهَا فِي يَدِ آخَرَ مِثْلَ هَذَا أَوْ دُونَهُ وَلِأَنَّ هَذَا مُخْتَارُ الْمَيِّتِ فِي حِفْظِهَا وَاَلَّذِي يَضَعُهُ عَلَى يَدِهِ لَيْسَ بِمُخْتَارِ الْمَيِّتِ وَلَا مُخْتَارِ وَارِثِهِ فَصَارَ هَذَا نَظِيرَ الْإِقْرَارِ.

وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ سَاقِطٌ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا صَارَ مُسَجَّلًا مُبَيَّنًا فِي خَرِيطَةِ الْقَاضِي يُؤْمَنُ جُحُودُ ذِي الْيَدِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ وَيُؤْمَنُ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمَكِّنُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ إذَا تَرَكَهَا فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَالْمُدَّعَى مَنْقُولٌ بَقِيَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَالْعَقَارُ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الضَّمَانَ فِيهَا بِالْغَصْبِ وَيَضْمَنُ بِالْجُحُودِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا وَضَعَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ كَانَ الْعَدْلُ أَمِينًا فِيهِ وَالنَّظَرُ فِي تَرْكِهِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>