للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الِابْنِ مَا يَمْنَعُ نَقْلَهُ إلَى الْأَبِ فَلِهَذَا لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ، وَإِنْ كَاتَبَ الْأُمَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، ثُمَّ ادَّعَى الْأَبُ نَسَبَ الْوَلَدِ قَالَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ: لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، وَقَالَ بَعْدَ هَذَا: تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْأُمِّ وَمَا ذُكِرَ هُنَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَا ذُكِرَ بَعْدَ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَصَّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجَامِعِ فِي الْبَيْعِ إذَا بَاعَ الْأُمَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، ثُمَّ ادَّعَى أَبُوهُ نَسَبَ الْوَلَدِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَهَا.

وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الدَّعْوَةِ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ حِينَ كَاتَبَهَا أَوْ بَاعَهَا فَلَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ كَوَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ.

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ لِلْأَبِ حَقُّ اسْتِلْحَاقِ نَسَبِهِ بِالدَّعْوَةِ قَبْلَ كِتَابَةِ الْأُمِّ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِذَلِكَ كِتَابَةُ الْأُمِّ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْمَانِعَ هُنَاكَ فِي الْوَلَدِ مُوَازَاتُهُ مَا نَحْنُ فِيهِ أَنْ لَوْ كَاتَبَهَا جَمِيعًا.

قَالَ: وَإِنْ ادَّعَى وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ، وَالِابْنُ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَالْأَبُ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ ثُبُوتِ النَّسَبِ وِلَايَةُ النَّقْلِ فِيهَا إلَى نَفْسِهِ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ وَالرَّقِيقُ وَالْكَافِرُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَلَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ لِتَعَذُّرِ اتِّحَادِ شَرْطِهِ فَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا وَالِابْنُ كَافِرًا صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَطَعَنَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْحَرْفِ فَقَالَ كَمَا لَيْسَ لِلْكَافِرِ وِلَايَةٌ عَلَى وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ فَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ وِلَايَةٌ عَلَى وَلَدِهِ الْكَافِرِ حَتَّى لَا يَرِثَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فِي صِغَرِهِ فَلَا يَتَمَلَّكُهُ بِالِاسْتِيلَادِ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّمَلُّكَ بِالِاسْتِيلَادِ إبْقَاءُ أَثَرِ الْوِلَايَةِ الَّتِي كَانَتْ ثَابِتَةً فِي حَالِ الصِّغَرِ فَإِذَا كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا فَلَا يَكُونُ الِابْنُ مُقَرًّا عَلَى كُفْرِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ إسْلَامُ الْأَبِ طَارِئًا، وَقَدْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ فَيَبْقَى أَثَرُهُ حَقُّ الْمِلْكِ بِالِاسْتِيلَادِ فَأَمَّا الِابْنُ إذَا كَانَ مُسْلِمًا فَهُوَ مُسْلِمٌ أَصْلِيٌّ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْكَافِرِ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ قَطُّ فَلَا يَبْقَى أَثَرٌ؛ وَلِابْنِهِ فِي الِاسْتِيلَادِ؛ وَلِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالِاسْتِيلَادِ لِكَرَامَةِ الْأَبِ فَيَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ الْوِلَايَةُ الَّتِي يَرْجِعُ إلَى كَرَامَةِ الْمُسْلِمِ كَوِلَايَةِ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ مِثْلُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ فَلِهَذَا افْتَرَقَا، وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَمِلَلُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ دَعْوَةُ الْأَبِ فِيهِ؛ لِأَنَّ لِبَعْضِهِمْ عَلَى الْبَعْضِ وِلَايَةً مَعَ اخْتِلَافِ الْمِلَلِ

قَالَ: وَلَا تَجُوزُ دَعْوَةُ الْجَدِّ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى النَّافِلَةِ، وَلَا فِي مَالِهِ فِي حَيَاةِ الْأَبِ فَكَانَ هُوَ كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>