للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرٌّ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُعْتَقُ الْأَصْغَرُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِيَقِينٍ إمَّا لِأَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدِهِ فَيُعْتَقُ بِمَوْتِهِ.

وَقَالَ يُعْتَقُ مِنْ الْأَوْسَطَيْنِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَكْبَرَ فَهُمَا حُرَّانِ بِالِاسْتِيلَادِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَصْغَرَ لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُهُ فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ مِنْ الْأَوْسَطَيْنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَوْلَى لَمْ يَتَنَاوَلْهُمَا وَقِيلَ بَلْ الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْعِتْقِ لَهُمَا وَاحِدَةٌ وَهُوَ التَّبَعِيَّةُ فَيُعْتَبَرُ الْحَالَانِ فِي حَقِّهِمَا فَلِهَذَا يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفٌ

قَالَ: رَجُلٌ لَهُ أَمَةٌ لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ، وَلَدَتْهُمْ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ فَقَالَ الْمَوْلَى لِلْأَكْبَرِ مِنْهُمْ هُوَ ابْنِي ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِلدَّعْوَةِ وَصَارَتْ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْآخَرَيْنِ مِنْهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَثْبُتُ نَسَبُ الْآخَرَيْنِ مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أُمُّ، وَلَدٍ وَلَدَتْهُمَا عَلَى فِرَاشِهِ فَإِنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ حِينِ عَلِقَتْ بِالْأَكْبَرِ وَنَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ ثَابِتٌ مِنْ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ، وَتَخْصِيصُهُ الْأَكْبَرَ بِالدَّعْوَةِ لَا يَكُونُ دَلِيلَ النَّفْيِ، وَلَا الْإِثْبَاتِ، وَلَنَا أَنَّ تَخْصِيصَهُ الْأَكْبَرَ بِدَعْوَةِ النَّسَبِ دَلِيلُ النَّفْيِ فِي حَقِّ الْآخَرَيْنِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى شَرْعًا إظْهَارُ النَّسَبِ الَّذِي هُوَ ثَابِتٌ مِنْهُ بِالدَّعْوَةِ فَكَانَ تَخْصِيصُهُ الْأَكْبَرَ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِظْهَارِ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ دَلِيلُ النَّفْيِ فِي حَقِّ الْآخَرَيْنِ، وَدَلِيلُ النَّفْيِ كَصَرِيحِ النَّفْيِ وَنَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ فَكَذَلِكَ بِدَلِيلِ النَّفْيِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا قِيلَ: إنَّ سُكُوتَ صَاحِبِ الشَّرْعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه - عَنْ الْبَيَانِ بَعْدَ وُقُوعِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِالسُّؤَالِ دَلِيلُ النَّفْيِ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ وَجَبَ عِنْدَ السُّؤَالِ فَكَانَ تَرْكُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ دَلِيلَ النَّفْيِ، وَلَكِنْ يُعْتَقُ الْآخَرَانِ بِمَوْتِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا، وَلَدَانِ لِأُمِّ الْوَلَدِ فَيُعْتَقَانِ بِمَوْتِ الْمَوْلَى، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَلَمْ يَنْفِهِ الْمَوْلَى، وَلَمْ يَدَّعِهِ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ ابْنُهُ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِنَّهَا بِالدَّعْوَةِ صَارَتْ فِرَاشًا لِلْمَوْلَى؛ وَلِهَذَا ثَبَتَ نَسَبُ هَذَا الْوَلَدِ مِنْهُ، وَفِي الْكِتَابِ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْفِرَاشَ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا مِنْ وَقْتِ الدَّعْوَةِ، وَهَذَا يَكُونُ طَرِيقًا آخَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: أَنَّ انْفِصَالَ الْوَلَدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الْفِرَاشِ فِيهَا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا إلَّا بِالدَّعْوَةِ

قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ أُمَّتَهُ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ أَسْقَطَتْ مِنْهُ سِقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ، ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ مَرِيضٌ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ مَا لَمْ يَنْفِهِ؛ لِأَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِنْ نَفَاهُ انْتَفَى بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>