للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ، وَلَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ بِدَعْوَاهُ فَكَانَ ضَامِنًا لِلْمَالِ.

وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَجَحَدَ ذَلِكَ فُلَانٌ وَادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ الْمَالَ عَلَى الْمُقِرِّ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ مِنْ ذَلِكَ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْأَلْفِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ مُوجِبَةٌ لِلِانْقِسَامِ فَصَارَ مُقِرًّا بِنِصْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَبِنِصْفِهِ عَلَى الْآخَرِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْآخَرَ لَوْ صَدَّقَهُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا، فَإِذَا كَذَّبَهُ بَطَلَ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ وَبَقِيَ مُؤَاخَذًا بِمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ النِّصْفُ. وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ بِمِثْلِهِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ أَوْ جِرَاحَةٍ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِمَا بَيَّنَّا.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ هُوَ وَفُلَانٍ عَمْدًا وَجَحَدَ فُلَانٌ ذَلِكَ وَادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ الْمُقِرَّ قَطَعَهُ وَحْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِنِصْفِ الْأَرْشِ فَإِنَّ الْيَدَيْنِ لَا يُقْطَعَانِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا، وَلَكِنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ بِنِصْفِ الْأَرْشِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَيْهِ الْقِصَاصَ فَكَانَ مُكَذِّبًا لَهُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مُدَّعِيًا عَلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ، وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِ الْيَدِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا قَالَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ إذَا قَالَ: قَتَلْتَ وَلِيَّ هَذَا عَمْدًا، فَقَالَ بَلْ قَتَلْتُهُ خَطَأً تَقْضِي بِالدِّيَةِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَقَرَّ بِهِ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الدَّعْوَى بِأَنْ يَقُولَ حَقِّي فِي الْقِصَاصِ، وَلَكِنَّهُ طَلَبَ مِنِّي أَنْ آخُذَ الْمَالَ عِوَضًا عَنْ الْقِصَاصِ، وَهَذَا جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ هُنَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَهُوَ نِصْفُ الْأَرْشِ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى دَعْوَى الْقِصَاصِ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي النَّفْسِ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْمُثَنَّى يَقْتُلُ الْوَاحِدَ، وَقَالَ وَالْقِيَاسُ فِي النَّفْسِ هَكَذَا أَنْ لَا يُسْتَوْفَى الْمُثَنَّى بِالْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَعْتَمِدُ الْمُمَاثَلَةَ وَالْوَاحِدُ لَا يَكُونُ مِثْلًا لِلْمُثَنَّى وَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلًا لَهُمَا، وَهُوَ مِثْلٌ لِكُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمَا وَكُنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي النَّفْسِ لِحَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَتَلَ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ بِوَاحِدٍ، وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ إلَّا هُنَا.

وَلَوْ قَالَ أَقْرَضَنِي أَنَا فُلَانٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ النِّصْفُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِنِصْفِ الْمَالِ قَالَ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ الْآخَرَ مَعِي فِي الدَّيْنِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الدَّيْنُ لَهُمَا عَلَيْهِ نِصْفَيْنِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَوَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ.

وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا سِتُّمِائَةٍ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُمِائَةٍ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَصِلَ كَلَامَهُ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>