للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَزَوَّجْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ فَإِنَّ الصِّبَا يَمْنَعُ الْأَهْلِيَّةَ لِلْعَقْدِ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ يَقُولُ تَزَوَّجْتُكِ وَأَنَا نَائِمٌ فَإِنَّ النَّوْمَ حَالٌ مَعْهُودَةٌ فِي الْإِنْسَانِ تُنَافِي أَصْلَ الْعَقْدِ، وَإِنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ وَأَنَا مَجْنُونٌ، فَإِنْ عُلِمَ جُنُونُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى حَالٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ فَكَانَ مُنْكِرًا مَعْنَى

وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ جُنُونُهُ فَالنِّكَاحُ لَازِمٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلَى حَالٍ غَيْرِ مَعْهُودَةٍ فِيهِ وَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْحَالُ بِخَبَرِهِ فَأَمَّا إذَا أَحَدَهُمَا النِّكَاحَ إلَى حَالٍ لَا تُنَافِي أَصْلَ النِّكَاحِ كَانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ، وَلَكِنْ يُمْنَعُ ثُبُوتُ الْحِلِّ وَانْعِقَادُ الْعَقْدِ لِانْعِدَامِ شَرْطِهِ لَا يُصَدَّقُ فِي الْإِضَافَةِ وَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ تَابِعٌ لَهُ فَإِقْرَارُهُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ إقْرَارٌ بِشَرَائِطِهِ فَهُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْإِضَافَةِ رَاجِعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِبَاطِلٍ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ فِي حَالٍ ادَّعَى تَمَجُّسَ الْمَرْأَةِ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ أَوْ فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ أَوْ تَزَوَّجَهَا وَأُخْتُهَا تَحْتَهُ أَوْ تَزَوَّجَهَا وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي هَذِهِ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِمَعْنًى فِي الْمَحِلِّ وَالْمَحِلُّ فِي حُكْمِ الْمَشْرُوطِ وَإِقْرَارُهُ بِالْعَقْدِ إقْرَارٌ بِشَرْطِهِ إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي ادَّعَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ لَازِمٌ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي ادَّعَى ذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا جَمِيعُ الْمُسَمَّى وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَقَالَتْ هِيَ مَا طَلَّقْتَنِي أَوْ تَزَوَّجْتُ غَيْرَكَ وَدَخَلَ بِي فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَمِيعُ الْمَهْرِ وَنَفَقَةُ الْعِلَّةِ الدُّخُولُ لِمَا بَيَّنَّا.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَمْسِ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْصُولًا، وَقَالَتْ هِيَ مَا اسْتَثْنَى لَمْ يَلْزَمْهُ النِّكَاحُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّتْ هِيَ بِالنِّكَاحِ وَادَّعَتْ الِاسْتِثْنَاءَ وَادَّعَى هُوَ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا اتَّصَلَ بِالْكَلَامِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ مَانِعٌ كَوْنَ الْكَلَامِ إيجَابًا فَكَانَ هُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ مُنْكِرًا لِأَصْلِ الْعَقْدِ لَا مُقِرًّا بِهِ فَيُجْعَلُ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ وَاَلَّذِي بَيَّنَّا فِي النِّكَاحِ مِثْلُهُ فِي الطَّلَاقِ فِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَفِي الْإِضَافَةِ إلَى حَالٍ مُنَافِيَةٍ لِأَصْلِ الطَّلَاقِ كَحَالِ النَّوْمِ وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ إذَا كَانَ يُعْرَفُ ذَلِكَ أَنَّهُ إصَابَةٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّا.

وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ أَلَمْ أَتَزَوَّجْكِ أَمْسِ أَوْ أَلَيْسَ تَزَوَّجْتُكِ أَمْسِ أَوْ أَمَا تَزَوَّجْتُكِ أَمْسِ، فَقَالَتْ بَلَى وَجَحَدَ الزَّوْجُ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ مِنْهُمَا لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ جَوَابَ الِاسْتِفْهَامِ بِنَفْيٍ يَكُونُ حَرْفَ بَلَى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِطَابِ يَصِيرُ مُعَادًا فِي الْجَوَابِ، وَعَلَى هَذَا الطَّلَاقِ إذَا قَالَ: مَا طَلَّقْتُكِ أَمْسِ أَوْ لَيْسَ قَدْ طَلَّقْتُكِ أَمْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>