للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَزَوَّجْ فُلَانَةَ عَلَى رَقَبَتِي أَوْ قَالَتْ لِامْرَأَةٍ اخْتَلِعِي مِنْ زَوْجِكَ عَلَى رَقَبَتِي فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ مِنْهَا بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّ مَا صَرَّحَتْ بِهِ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُ فِيهَا إلَّا بِرَقَبَتِهَا فَتَصْرِيحُهَا بِذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهَا بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ أَجِّرْنِي مِنْ فُلَانٍ فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالرِّقِّ لِمَا قُلْنَا.

وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ أَعْتِقْنِي كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالرِّقِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَصِحُّ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الرِّقِّ مِمَّنْ هُوَ يَمْلِكُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَلَمْ تَعْتِقْنِي أَمْسِ أَوَ لَيْسَ قَدْ أَعْتَقْتَنِي أَمْسِ أَوْ مَا أَعْتَقْتَنِي أَمْسِ كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالرِّقِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) امْرَأَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ طَلِّقْنِي فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهَا بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا طَلَبَتْ مِنْهُ مَا لَا يَصِحُّ شَرْعًا إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ، وَهَذَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِلْإِطْلَاقِ عَنْ قَيْدِ النِّكَاحِ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ أَطْلِقْنِي عَنْ قَيْدِ النِّكَاحِ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ اخْلَعْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهَذَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْبَدَلَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْبَدَلُ إلَّا بِزَوَالِ مِلْكِ النِّكَاحِ عَنْهَا بِالْخُلْعِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ طَلَّقْتَنِي أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَنْتِ مِنِّي مُظَاهِرٌ أَوْ مُولٍ فَإِنَّ شَيْئًا مِمَّا أَخْبَرَتْ بِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ فَإِقْرَارُهَا بِهِ تَضَمَّنَ الْإِقْرَارَ بِالنِّكَاحِ.

وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ اخْتَلِعِي مِنِّي بِمَالٍ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِمَالٍ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي، فَقَالَ لَهَا اخْتَارِي أَوْ أَمْرُكَ بِيَدِكَ فِي الطَّلَاقِ فَهَذَا مِنْهُ إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ الطَّلَاقَ إلَيْهَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ.

وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ لَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُحْتَمَلٌ فَلَعَلَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ قُرْبَانِهَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَيْهَا وَلَعَلَّهُ قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً، ثُمَّ هَذَا الْكَلَامُ نَفْيُ مُوجِبِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَنَفْيُ مُوجِبِ الْعَقْدِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَقْدِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ بَائِنَةٌ أَوْ بَتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالْحُرْمَةِ وَمُوجَبُ النِّكَاحِ ضِدُّهُ، وَهُوَ الْحِلُّ فَوَصْفُهَا بِهِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ إلَّا أَنْ تَقُولَ لَهُ طَلِّقْنِي فَيَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ غَيْرَ أَنَّ مُذَاكَرَةَ الطَّلَاقِ مُعَيِّنَةً لِلطَّلَاقِ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالنِّكَاحِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُولٍ مِنْكَ أَوْ مُظَاهِرٌ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ وَالظِّهَارَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ.

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ هَذَا إخْبَارٌ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>