للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى اسْتِرْدَادِ وَدِيعَةٍ بِعَقْدٍ آخَرَ كَمَا لَا يَتَعَدَّى مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ أُخْرَى وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَهَا الْوَكِيلُ أَوَّلًا وَدَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ ثُمَّ اسْتَوْدَعَهَا الْأَوَّلُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْهُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ قَدْ انْتَهَتْ بِاسْتِرْدَادِ الْوَكِيلِ إيَّاهَا فَكَانَ هُوَ فِي اسْتِرْدَادِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ لِأَنَّهُ فِي قَبْضِهَا مَا كَانَ عَامِلًا لِلْمُسْتَوْدِعِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ مَكَّنَهَا بِالضَّمَانِ وَمَا رَضِيَ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ لَهُ وَحَالُهُمَا كَحَالِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ مَعَ الْأَوَّلِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا وُجُوهَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا سَبَقَ

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَقَالَ اقْبِضْهَا الْيَوْمَ فَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا غَدًا لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَتَوَقَّتُ بِالتَّوْقِيتِ فَإِذَا وَقَّتَهَا بِالْيَوْمِ انْتَهَتْ الْوَكَالَةُ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ.

كَمَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا غَدًا وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ ذِكْرُ الْيَوْمِ لَيْسَ لِتَوْقِيتِ الْوَكَالَةِ بَلْ لِلتَّعْجِيلِ فِي قَبْضِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ اقْبِضْهَا السَّاعَةَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا بَعْدَ تِلْكَ السَّاعَةِ فَكَذَلِكَ هُنَا تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اقْبِضْهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا مَتَى شَاءَ فَقَوْلُهُ الْيَوْمَ سُكُوتٌ عَمَّا بَعْدَهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَزْلًا عَمَّا كَانَ ثَابِتًا لَهُ بِمُطْلَقِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ الْيَوْمَ بِيَدِكِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الْمَجْلِسِ فَقَوْلُهُ الْيَوْمَ لِمَدِّ حُكْمِ الْأَمْرِ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْغَدِ أَمْرٌ ثَابِتٌ لَهَا وَلَوْ قَالَ اقْبِضْهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ فَقَبَضَهَا وَهُوَ غَيْرُ حَاضِرٍ جَازَ لِمَا قُلْنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ اقْبِضْهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا سَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فَقَوْلُهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ سُكُوتٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ فَيَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ اقْبِضْهَا بِشُهُودٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا تَقْبِضْهَا إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ هُنَاكَ نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ وَاسْتَثْنَى قَبْضًا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ وَكُلُّ قَبْضٍ لَا يَكُونُ بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ فَهُوَ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ لِعُمُومِهِ دُونَ الْإِذْنِ

قَالَ وَإِذَا قَبَضَ رَجُلٌ وَدِيعَةَ رَجُلٍ فَقَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ مَا وَكَّلْتُك وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَضَمِنَ الْمُسْتَوْدِعُ رَجَعَ بِالْمَالِ عَلَى الْقَابِضِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَإِنْ قَالَ هَلَكَ مِنِّي أَوْ دَفَعْتُهُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَهُوَ عَلَى التَّقْسِيمِ الَّذِي قُلْنَا إنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَوْدِعُ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَضَمِنَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِمَا قُلْنَا

وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَابَّةٍ اسْتَعَارَهَا مِنْ رَجُلٍ فَقَبَضَهَا الْوَكِيلُ وَرَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا لِأَنَّ الْمَالِكَ إنَّمَا رَضِيَ بِرُكُوبِ الْمُسْتَعِيرِ دُونَ الْوَكِيلِ وَالرُّكُوبُ يَتَفَاوَتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>