للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَلَّى بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ يَعْنِي السَّحَرَ» وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ الِانْفِرَادَ عَلَى وَجْهٍ يَقْطَعُ الْقِيَامَ فِي الْمَسْجِدِ، فَالْجَمَاعَةُ مِنْ سُنَنِ الصَّالِحِينَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - حَتَّى قَالُوا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - نَوَّرَ اللَّهُ قَبْرَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا نَوَّرَ مَسَاجِدَنَا، وَالْمُبْتَدِعَةُ أَنْكَرُوا أَدَاءَهَا بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَأَدَاؤُهَا بِالْجَمَاعَةِ جُعِلَ شِعَارًا لِلسُّنَّةِ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ بِالْجَمَاعَةِ شُرِعَ شِعَارَ الْإِسْلَامِ.

[فَصَلِّ التَّرَاوِيح سُنَّةً مُتَوَارَثَةً أَمْ تَطَوُّعًا مُطْلَقَةً مُبْتَدَأَةً]

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ كَوْنِهَا سُنَّةً مُتَوَارَثَةً أَمْ تَطَوُّعًا مُطْلَقَةً مُبْتَدَأَةً) اخْتَلَفُوا فِيهَا وَيَنْقَطِعُ الْخِلَافُ بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ التَّرَاوِيحَ سُنَّةٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا ثُمَّ بَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَرْكِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى أَدَائِهَا بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» وَأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَلَّاهَا بِالْجَمَاعَةِ مَعَ أَجِلَّاءِ الصَّحَابَةِ فَرَضِيَ بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى دَعَا لَهُ بِالْخَيْرِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا وَرَدَ وَأَمَرَ بِهِ فِي عَهْدِهِ.

(قَالَ) وَلَوْ صَلَّى إنْسَانٌ فِي بَيْته لَا يَأْثَمُ هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ عُمَرَ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ الصَّوَّافُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - بَلْ الْأَوْلَى أَدَاؤُهَا بِالْجَمَاعَةِ لِمَا بَيَّنَّا.

[فَصَلِّ الِانْتِظَارِ بَعْدَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ]

(الْفَصْلُ الرَّابِعِ فِي الِانْتِظَارِ بَعْدَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ) وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا سُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ لِمَعْنَى الِاسْتِرَاحَةِ وَأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ عَنْ السَّلَفِ وَأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ فَإِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَطُوفُونَ سَبْعًا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ كَمَا حَكَيْنَا عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَلَوْ اسْتَرَاحَ إمَامٌ بَعْدَ خَمْسِ تَرْوِيحَاتٍ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا بَأْسَ بِهِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الِانْتِظَارُ وَالِاسْتِرَاحَةُ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ عَلَى مَا حَكَيْنَا.

[فَصَلِّ كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ فِي صَلَاة التَّرَاوِيحِ]

(الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ) وَاخْتَلَفُوا فِيهَا وَالصَّحِيحُ أَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ أَوْ السُّنَّةَ أَوْ قِيَامَ اللَّيْلِ وَلَوْ نَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ لَا تَجُوزُ عَنْ التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَالسُّنَّةُ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ أَوْ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَنِيَّةِ التَّطَوُّعِ، فَلَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>