للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ يُصَلِّي التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ وَالْمُقْتَدِي يَنْوِي التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَجُوزُ عَنْ التَّرَاوِيحِ، وَالنِّيَّةُ فِي مِثْلِهَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هَذِهِ، وَإِنْ كَثُرَتْ أَعْدَادُ رَكَعَاتِهَا وَلَكِنَّهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهَا النِّيَّةُ مِنْ الْمُقْتَدِي كَمَا لَا تُعْتَبَرُ مِنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ تَسْلِيمِ الْأُولَى الثَّانِيَةَ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ هَذَا كَانَ لَغْوًا وَجَازَتْ صَلَاتُهُ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي يَكُونُ لَغْوًا.

[فَصَلِّ حَقِّ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة التَّرَاوِيحِ]

(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي حَقِّ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ) وَاخْتَلَفَ فِيهِ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْضُهُمْ يَقْرَأُ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى التَّخْفِيفِ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ يَحْسُنُ أَنْ تَكُونَ أَخَفَّ مِنْ الْفَرَائِضِ وَهَذَا شَيْءٌ مُسْتَحْسَنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ دَرْكِ الْخَتْمِ، وَالْخَتْمُ سُنَّةٌ فِي التَّرَاوِيحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ عِشْرِينَ آيَةً إلَى ثَلَاثِينَ آيَةً أَصْلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ دَعَا ثَلَاثَةً مِنْ الْأَئِمَّةِ وَاسْتَقْرَأَهُمْ فَأَمَرَ أَحَدَهُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثِينَ آيَةً وَأَمَرَ الْآخَرَ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ آيَةً وَأَمَرَ الثَّالِثَ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عِشْرِينَ آيَةً، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ وَنَحْوَهَا وَهُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي التَّرَاوِيحِ الْخَتْمُ مَرَّةً وَبِمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخْتَمُ الْقُرْآنُ مَرَّةً فِيهَا؛ لِأَنَّ عَدَدَ رَكَعَاتِ التَّرَاوِيحِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ سِتُّمِائَةٍ وَعَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافٍ وَشَيْءٍ فَإِذَا قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ يَحْصُلُ الْخَتْمُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ كَمَا حُكِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوَقَعَ الْخَتْمُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْمُحْسِنُ الْمَرْوَزِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَفْضَلُ عِنْدِي أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ عَشْرٍ مَرَّةً وَذَلِكَ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ نَحْوَهَا كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَلِأَنَّ كُلَّ عَشْرٍ مَخْصُوصٌ بِفَضِيلَةٍ عَلَى حِدَةٍ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَبِهِ نَطَقَ الْحَدِيثُ وَهُوَ «شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَوَسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنْ النَّارِ» فَيَحْسُنُ أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ عَشْرٍ وَلِأَنَّ التَّثْلِيثَ يُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَكَذَا فِي الْخَتْمِ وَحَكَى عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ عِمَادِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَشَايِخ بُخَارَى جَعَلُوا الْقُرْآنَ خَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ رُكُوعًا وَعَلِمُوا الْخَتْمَ بِهَا لِيَقَعَ الْخَتْمُ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ رَجَاءَ أَنْ يَنَالُوا فَضِيلَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ إذْ الْأَخْبَارُ قَدْ كَثُرَتْ بِأَنَّهَا لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الْمَصَاحِفُ مُعَلَّمَةٌ بِالْآيَاتِ، وَإِنَّمَا سَمَّوْهُ رُكُوعًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا تُقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>