للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْعُدْ الْقَاضِي أَيَّامًا وَلَمْ يُوَافِ بِهِ وَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْكَفِيلِ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ عَدَمَ الْمُوَافَاةِ إذَا جَلَسَ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ الْقَاضِي لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَجَّلَ فِي الْمُوَافَاةِ إلَى جُلُوسِ الْقَاضِي، وَمَا لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ؛ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْمُوَافَاةِ. وَوُجُوبُ الْمَالِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ مُوَافَاةٍ مُسْتَحَقَّةٍ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ قَبْلَ جُلُوسِ الْقَاضِي؛ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَقَدْ احْتَالَ الطَّالِبُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ الَّتِي لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ الْغَدَ؛ فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَالْحَوَالَةُ فِي هَذَا وَالْكَفَالَةُ سَوَاءٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ يُلْزَمُ الْمَالَ، وَتَتَعَلَّقُ بَرَاءَتُهُ عَنْهُ بِشَرْطِ الْمُوَافَاةِ بِالنَّفْسِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: فَإِلَيَّ الْمَالُ أَوْ فَعَلَيَّ الْمَالُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: فَعِنْدِي لَهُ هَذَا الْمَالُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عِنْدَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُرْبِ، وَقُرْبُ الدَّيْنِ مِنْهُ إمَّا بِالْتِزَامِ أَصْلِهِ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ بِالْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ. فَكَانَ هَذَا وَالْكَفَالَةُ سَوَاءً.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يُوَافِيَ بِهِ غَدًا فَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ الْغَدَ وَلَزِمَهُ الْمَالُ ثُمَّ أَخَذَهُ الطَّالِبُ بِكَفَالَةِ النَّفْسِ وَقَالَ: لِي عَلَيْهِ مَالٌ آخَرُ، أَوْ، لِي مَعَهُ خُصُومَةٌ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يُؤْخَذُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِأَصْلِ الْكَفَالَةِ الْتَزَمَ تَسْلِيمَ نَفْسِهِ وَبِأَدَاءِ الْمَالِ لَمْ يَصِرْ مُسَلِّمًا نَفْسَهُ. وَأَدَاؤُهُ ذَلِكَ الْمَالَ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ، فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ بَقَاءَهَا كَانَ أَوْلَى

وَإِنْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى مَا طَالَبَهُ الطَّالِبُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ؛ فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَطَلَبَهُ مِنْهُ فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْمَالُ؛ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي طَلَبَهُ الطَّالِبُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَهُ غَدْوَةً فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى الْعَشِيِّ قَالَ: وَلَا يُبْرِئُهُ مِنْ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ سَاعَةَ طَلَبِهِ مِنْهُ وَهَذَا اللَّفْظُ إشَارَةٌ إلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمَالَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ، وَشَرْطُ بَرَاءَتِهِ أَنْ يُوَافِيَهُ بِهِ حِينَ يَطْلُبُهُ الطَّالِبُ. فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ انْعَدَمَ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ كَمَا الْتَزَمَهُ بِأَصْلِ الْكَفَالَةِ وَلَا يَنْفَعُهُ دَفْعُ النَّفْسِ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا عَنْ الْمَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>