للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَامِنٌ لِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ أَوْ لِمَا قَضَى عَلَيْهِ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَضَى بِذَلِكَ غَيْرُ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعَى مِنْ الشُّرُوطِ مَا يَكُونُ مُفِيدًا وَالتَّقْيِيدُ بِصِفَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ مُفِيدٌ، فَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْقَاضِي بِهِ قَاضِيَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَغَيْرُ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقَضَاءُ لَا عَيْنُ الْقَاضِي وَفِي الْقَضَاءِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَغَيْرُ قَاضِي الْكُوفَةِ سَوَاءٌ

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا قُضِيَ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ وَهُوَ مَيِّتٌ وَالْمَكْفُولُ وَارِثُهُ فَهُوَ جَائِزٌ مُسْتَقِيمٌ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ مُطَالَبٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ فَهُوَ فِي الْحُكْمِ كَاَلَّذِي عَلَيْهِ

وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ يَكْفُلُ نَفْسَ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا قُضِيَ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِذَلِكَ الدَّيْنِ. يَقْضِيهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَأْخُذُ مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ضَامِنًا لِمَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي، وَكَذَلِكَ الْأَبُ يَأْخُذُ مِنْ غَرِيمِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ فِي ذَلِكَ مَقَامَ وَلَدِهِ أَنْ لَوْ كَانَ بَالِغًا

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ غَرِيمًا بِمَالٍ لِأَخِيهِ أَوْ لِبَعْضِ أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ وَأَخَذَ كَفِيلًا مِنْهُ بِنَفْسِهِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ فَرَضِيَ بِذَلِكَ مُدَّعِي الْمَالَ؛ كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ قَبُولَ هَذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الطَّالِبِ فَإِذَا أَجَازَهُ جَازَ وَلَوْ فَسَخَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ قَبْلَ أَنْ يَرْضَى صَاحِبُ الْمَالِ فَهُوَ مِنْهَا بَرِيءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عِنْدَهُمَا لَا تَلْزَمُ الْكَفِيلَ إلَّا بِرِضَا الطَّالِبِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَأْخُذَ لَهُ كَفِيلًا عَنْ غَرِيمِهِ بِنَفْسِهِ ضَامِنًا لِمَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ صَحِيحٌ بِمَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَفَلَ الْكَفِيلُ لِلْوَكِيلِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا الْتَزَمَهُ وَهُوَ التَّسْلِيمُ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ جَعَلَ نَفْسَهُ مُبَاشِرًا الْعَقْدَ وَإِلَيْهِ الِاسْتِيفَاءُ وَالْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ كَفَلَ بِهِ لِلْمُوَكِّلِ لَمْ يَبْرَأْ بِدَفْعِهِ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ رَسُولًا، وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ الْتَزَمَ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ بَرِئَ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: الْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَإِنَّمَا يُطَالِبُ بِمُوجَبِهَا لِمَنْفَعَةِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ؛ بَرِئَ الْكَفِيلُ

وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِأَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَفِيلًا بِنَفْسِ الْمُوَكِّلِ ضَامِنًا بِمَا ذَابَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَأَعْطَى الْوَكِيلُ كَفِيلًا بِذَلِكَ فَقُضِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَالٍ لِلطَّالِبِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ بِحُكْمِ ضَمَانِهِ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَكِيلَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رَسُولًا مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَيْهِ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَ لَهُ شَيْئًا فَحِينَئِذٍ يُؤَاخَذُ بِضَمَانِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>