للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَمْسَمِائَةٍ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْهَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْكَفَالَةِ بِالْأَلْفِ مُسْتَوُونَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوُوا فِي الْغُرْمِ بِسَبَبِهَا وَذَلِكَ فِي أَنْ يَرْجِعَ بِثُلُثَيْ مَا أَدَّى عَنْ صَاحِبَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ وَلِلَّذِي أَدَّى الطَّعَامَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبَيْهِ بِثُلُثَيْ الطَّعَامِ لِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَلَا يَصِيرُ الْبَعْضُ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُخْتَلِفٌ. وَالْمُقَاصَّةَ بَيْنَ الدَّيْنَيْنِ: عِنْدَ اتِّحَادِ جِنْسِهِمَا وَصِفَتِهِمَا، لَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ. وَلَوْ الْتَقَى هَذَانِ الْمُؤَدِّيَانِ وَلَمْ يَلْقَيَا الثَّالِثَ؛ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ مَا أَدَّى لِيَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ الْتَقَوْا جَمِيعًا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبَهُ بِنِصْفِ مَا أَدَّى لِيَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ ثُمَّ يَتْبَعَانِ جَمِيعًا الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا بِثُلُثِ مَا أَدَّاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ لَقِيَهُ أَحَدُهُمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِنِصْفِ الْغُرْمِ الَّذِي حَصَلَ عَلَيْهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ لِيَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثُ أَحَدَ هَذَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْفَضْلِ بِثُلُثِ مَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَرْجِعُ أَكْثَرُهُمَا أَدَاءً عَلَى أَقَلِّهِمَا أَدَاءً بِنِصْفِ الْفَضْلِ لِلْحَرْفِ الَّذِي قُلْنَا وَعَلَيْهِ يَدُورُ تَخْرِيجُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي أَنَّهُمَا لَمَّا اسْتَوَيَا فِي الْكَفَالَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ بِسَبَبِهَا.

وَإِذَا كَفَلَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَيْهِ فَأَدَّاهُ الْكَفِيلُ ثُمَّ لَقِيَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ لِفُلَانٍ الطَّالِبِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَأَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ فُلَانًا هَذَا قَدْ أَمَرَهُ فَضَمِنَهَا لِفُلَانٍ، وَأَنَّهُ قَدْ أَدَّاهَا لِفُلَانٍ إلَى فُلَانٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ عَلَيْهِ مَالًا بِسَبَبٍ وَهُوَ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى إتْيَانِ ذَلِكَ إلَّا بِإِثْبَاتِ سَبَبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ وَهُوَ أَدَاءُ الْمَالِ إلَيْهِ، فَيُنَصَّبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ كَمَنْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهَا لَهُ اشْتَرَاهَا مَعَ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ يَقْضِي بِبَيِّنَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِهَذَا الطَّرِيقِ حَتَّى إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ لَمْ يُكَلَّفْ الْمُدَّعِي إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا حَضَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ؛ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ الْكَفِيلِ لَمْ يُكَلَّفْ الْكَفِيلُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَكَانَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِوُصُولِ حَقِّهِ إلَيْهِ مَاضِيًا وَهَذَا لِأَنَّ الْأَسْبَابَ مَطْلُوبَةٌ لِأَحْكَامِهَا فَمَنْ يَكُونُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ يَكُونُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ سَبَبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَرُجُوعُ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرِهِ إيَّاهُ بِالْكَفَالَةِ وَأَدَائِهِ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ فَمَا يَكُونُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ خَصْمًا لِكَفِيلٍ فِي إثْبَاتِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ يَكُونُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْأَدَاءِ إلَى الطَّالِبِ عَلَيْهِ. وَالْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَاضِرِ يَكُونُ نَافِذًا عَلَيْهِ وَعَلَى الْغَائِبِ جَمِيعًا.

وَذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>